الثورة- خاص- مرشد ملوك:
أتذكر اليوم نظرات أحد رؤساء مجالس إدارات اتحاد التأمين السابقين وهو يعبر بالإشارة أكثر من الكلام بالقول : لقد كنت أدير اتحاد التأمين “ببوسة الدقن” أوف ..! ليكن ذلك.. ! وماذا يعني هذا ..؟ فهل تقوم المؤسسات وتسير ببوسة الدقن فقط ..! وإلى متى..؟ وأين أطلال القوانين والأنظمة التي تحكم هذه المؤسسات سواء كانت عامة او خاصة.
مكان آخر
للوهلة الأولى لم تكن لدي القناعة بأن كلامه صحيح بالمطلق.. وربما أنتابني شعور على أن هذا الكلام يصدر دائما عمن تنتهي مهامهم في الإدارات العامة ، لكن ما جرى في الاتحاد السوري لشركات التأمين يدل على أن هذه المؤسسة أبعد ما تكون لأي عمل يشبه “المؤسسة” ولولا التدخل الجراحي في كل مرة من وزير المالية الدكتور كنان ياغي لكانت الأمور في مكان آخر ولكان حال اتحاد التأمين أكثر من السوء الذي عليه الآن.
استقالات مفاجئة.
ولهذا جاء قرار وزير المالية بالأمس بتشكيل مجلس إدارة مؤقت للاتحاد السوري لشركات التأمين بعد استقالة مفاجئة وغير متوقعة لمدير عام الشركة المتحدة للتأمين واستقالة مدير الشركة السورية العربية للتأمين ومدير شركة الثقة للتأمين اذا بعد هذه الاستقالات أصبح مجلس إدارة اتحاد التأمين ، بحكم المستقيل ولهذا كان قرار وزير المالية بتشكيل مجلس إدارة مؤقت.
حقيقة جاءت هذه الاستقالات بعد مسلسل مكسيكي طويل جدا – ولم يزل تصويره مستمر- في طق البراغي وتنازع المصالح والصلاحيات في الاتحاد السوري لشركات التأمين.
حاجة ماسة
بالمنطق بدا الإتحاد السوري لشركات التأمين كتنظيم مهني وحاجة في سوق التأمين بعد أن احتدم الصراع بين شركات التأمين السورية على مايسمى كعكة التأمين الالزامي للسيارات وبدأت كل شركة تلهث – آنذاك- للحصول على الحصة الأكبر من هذه الكعكة في حال أطلق عليه العامة في ذاك الوقت “وشيشة التأمين”، وقد وصل الأمر إلى العراك الشخصي بين الوشيشة ، الأمر الذي استدعى تدخل الدولة فكان اتحاد التأمين هو الذراع الذي ضبط القصة في ذاك الوقت. لكن ماجرى مؤخرا في مجلس إدارة الإتحاد يؤشر على أن هناك و”شيشة بطقم وكرافة ..” أخطر بكثير من هؤلاء “الوشيشة البسطاء” .
طوق آمان
تدخل الاتحاد السوري للتأمين ونظم التوزيع العادل بين شركات التأمين من خلال فتح مراكز اصدار وثيقة التأمين الإلزامي للسيارات وتوزيع النسب بين ” الخاص” و”العام” في سوق التأمين ، وهذه محفظة تأمين مهمة جدا تصل قيمة بدلاتها السنوية إلى حوالي 18 مليار ليرة سورية.
من هنا تأتي أهمية ودور الاتحاد السوري لشركات التأمين كتنظيم نقابي يشكل من وجهة نظرنا ” طوق الأمان في السوق” إضافة إلى محفظة التأمين الكبيرة التي يديرها ويقدم ايرادها للدولة باعتبار أن المؤسسة العامة السورية للتامين تستحوذ على أكثر من 70 % من هذه المحفظة .
دور في الصحة
وكل من يتابع ملف التأمين يعلم على أن محفظة التأمين الصحي للعاملين بالدولة والتي قاربت المليون مؤمن يتم دعمها بشكل مباشر من محفظة التأمين الالزامي للسيارات. لذلك فالدور الاجتماعي كبير لهذا الاتحاد الذي يجب عدم الاستهانة به ابدا.
فوات منفعة
فهل يعقل أن تسيطر المصالح الشخصية على وجود هذا الإتحاد بهذه الطريقة . لقد توقف الاتحاد عن تقديم أي دعم لوجستي لزوم العمل ولزوم الاستمرار بإدرة محفظة التأمين الإلزامي ، وقد تصل الخسارة وفوات المنفعة إلى المليارات جراء توقف اصدار بطاقة خدم ال vip للسيارت وكذلك التأخير في طباعة بطاقات جديدة لهذه البطاقة ، وغير ذلك من القصص التي يعلمها القاصي والداني، هل تعلمون أن مجلس إدارة اتحاد التأمين تجرأ على التأخير في صرف منحة السيد الرئيس الأخيرة ولم يقبضها موظفو الاتحاد حتى الآن .
لكن للموضوعية علمت الثورة بأن مجلس إدارة الاتحاد المؤقت الحالي والمشكل من أيام قليلة بدأ بتحريك وتقديم كل الخدمات والملفات المالية المتوقفة.
في أصل الحكاية
كان ياما كان ..في قديم الزمان اتحاد سوري مهني متخصص بالتأمين يسمى الإتحاد السوري لشركات التامين .
هذا الإتحاد تأسس في شهر تشرين الثاني من العام 2006 بقرار صادر عن رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين آنذاك .
وفي التعريف يضم الاتحاد الميمون شركات التأمين الخاصة والمؤسسة العامة السورية للتأمين المملوكة للدولة وشركة الاتحاد العربي لاعادة التأمين.
ووفق المرسوم التشريعي 43 للعام 2004 تنص الفقرة – أ- من المادة 40 بإحداث اتحاد مهني لشركات التأمين يتمتع بالشخصية الإعتبارية ، وتعتبر جميع شركات التأمين السورية حكما أعضاء في هذا الاتحاد .
وتنص الفقرة – ب- بأن يتولى الإتحاد رعاية مصالح أعضائه وتطبيق قواعد ممارسة المهنة وتمثيل شركات التأمين لدى أية جهة فيما يتعلق بأعمال التأمين. وتحدد الفقرة – ج- النظام الأساسي للإتحاد طبيعته ومهامه ومسؤولياته والأحكام والإجراءات الخاصة بجمعيته العمومية ومجلس ادارته وبدل الانتساب إليه والاشتراك السنوي والإجراءات التأديبية بحق أعضائه.
صراع تحت الرماد
الفكرة أن اتحاد التأمين لم يستقر لا إداريا ولا فنيا ولا ماليا من قرابة العام إلى اليوم ، والسبب من وجهة نظرنا هو الصراع الخفي بين شركات التأمين الخاصة والمؤسسة العامة السورية للتأمين على رئاسة الاتحاد، لكن وفق النظام الأساسي للإتحاد فأن تبوء رئاسة مجلس إدارة الإتحاد تتم بالإنتخاب ووفق أغلبية أصوات الأعضاء، والمعضلة أن المؤسسة العامة السورية للتأمين تستحوذ على 70 % من أعمال سوق التأمين وفي الوقت الذي لا يزيد حجم أعمال 12 شركة تأمين خاصة 30 % من أعمال السوق.
وهنا فكل طرف من جانب المؤسسة العامة ومن جانب الشركات الخاصة يعتبر نفسه له الحق في رئاسة الاتحاد، وفق معيار العدد بالنسبة للشركات الخاصة ومن معيار حجم العمل من قبل المؤسسة العامة.
بنية مؤسسة
من وجهة نظرنا فأن الصراع للمصالح وليس للمصلحة العامة لا من قريب ولا من بعيد ، لذلك من الضرورة إعادة خلق بنية مؤسساتية جديدة لعمل اتحاد التأمين يحدد شكلها النهائي خبراء سوق التأمين وأهله أنفسهم وبما يحقق مصالح هذه الصناعة ويخدم الآمان المطلوب من التأمين للاقتصاد السوري.
مقترحات
وهنا أقترح تعديل النظام الأساسي لإتحاد التأمين وأن تعطى علامات وأصوات لحجم مساهمة الشركة في السوق ، وكل حجم مساهمة يصل 10 % على سبيل المثال تأخذ الشركة علامة تفضيلية في انتخابات الجمعية العمومية . أو أن تكون رئاسة المجلس بالمداورة بين الشركات وفق معايير واضحة تأخذ العمل وحجمه في السوق كمعيار أول .. مجرد فكرة .. أو فكرتين ، ولا يجب ان نبقى ندور في نفس الحلقة في انتخاب مجلس إدرة إتحاد التأمين وحتى ادارته لاحقا تتم ببوسة الدقن كما افصح أحد رؤساء مجلس الإدارة السابقين.