الثورة – جاك وهبه:
“ان الاستثمار الدولي هو مفتاح التنمية” يكشف هذا الاقتباس موقف الدول فيما يتعلق بظاهرة الاستثمار إذ تتنافس الدول حول العالم بشكل متزايد لجذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين الأجانب إلى أراضيها والواقع أن الاستثمار الأجنبي المباشر يشكل أحد المصادر الرئيسية لتمويل البلدان النامية، كما يتيح الاستثمار المباشر نقل التكنولوجيا والمعرفة من الشركة الأجنبية إلى البلد المضيف، ويخلق فرص عمل للسكان المحليين، ويطور البنية التحتية المادية ويوفر منتجات جديدة للسوق المحلية.
مقدمة انطلق منها “محمد مرعي السيدي” في مناقشة أطروحة لنيل درجة الدكتوراة في القانون الدولي من جامعة مصر الأمريكية الدولية في القاهرة حملت عنوان “حماية الاستثمارات الأجنبية في ظل القانون والاتفاقيات الدولية” وأشرف عليها المفوض الإقليمي للجامعة الأمريكية في سورية الدكتور عبدالله الشاهر، وأقيمت على مدرج جمعية خريجي المعاهد التجارية بدمشق.
السيدي وفي تصريح خاص ل “الثورة” بين أن الأطروحة عرفت الاستثمار الأجنبي وحاولت الإحاطة بجوانبه كافة لما له من أهمية في التطور الاقتصادي للدول النامية بشكل عام والمشهد السوري خاصة بعد الحرب الكونية على سورية.
وبين أن منهجية البحث تمثلت بعدم الوصول للمستوى المنشود للقواعد سواء من ناحية القوانين الذي بقي المفهوم العام بتعابيره ومفاهيمه الواسعه يؤثر سلباً على الاستثمار الأجنبي من خلال القواعد الخاصة بالمصادرة، أو من ناحية القواعد الناظمة للتحكيم.
ونوه أن الأطروحة بحثت في تحسين الواقع القانوني للاستثمار الأجنبي الذي يزيد من الميزان التجاري السوري الذي ينعكس إيجاباً على دخل الناتج الوطني مما يسهم في زيادة دخل الفرد وتحسين واقعه المعيشي وبالتالي تحسين الناحية الاقتصادية في سورية.
وأشار السيدي أن سورية سعت جاهدة لتحسين سمعتها من الناحية الدولية من خلال إصدار مجموعة كبيرة من القوانين والأنظمة بشأن الاستثمار، وإدخال حوافز كثيرة للفاعلين الاقتصاديين الأجانب لتشجيعهم على التأسيس والاستثمار، حيث تم إصدار قانون استثمار عام ١٩٩٠ وآخر في عام ٢٠١٠ الموجه نحو تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذي تم تحديثه وإصدار قانون الاستثمار رقم ١٨ لعام ٢٠٢١ الذي شجع الاستثمار في سورية، ولم يجد مخرجاً له لتحسين واقع الاستثمار الأجنبي بسبب الظروف المعيشية والحرب الكونية على سورية.
وتبين من خلال الدراسة، والكلام هنا ل “السيدي”، أن المحل الذي ينصب عليه التخوف في الاستثمار الأجنبي هو الخطر غير التجاري الذي يصعب على المستثمر الأجنبي التنبؤ به أو السيطرة عليه، ويتنوع هذا الخطر إلى الخطر السياسي الذي يتمثل بالاستملاك والتأميم والمصادرة والاستيلاء وتأجيل الوفاء بالدين والخطر الاقتصادي الذي يقتصر على القيود الواردة على صرف أو تحويل العملة والخطر الاجتماعي الذي يتجسد بالحرب والاضطرابات المدنية.
أما عن أهم المقترحات لجذب الاستثمارات الأجنبية فتمثلت بحسب “السيدي” بضرورة خلق مناخ استثماري مناسب يضمن حماية وسيادة الدولة ويعطي في الوقت نفسه شعور الثقة والاطمئنان للمستثمر تجاه الاستثمار الذي سينفذه في سورية، واقتراح تعديل الملحق الخاص بتسوية النزاع الذي نصت عليه اتفاقيات الضمان الدولية، إضافة إلى ضرورة حسم المشرع السوري لأمره بالانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم التجاري كاتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لعام ١٩٥٨ أو اتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات بين الدول ومواطني الدول الأخرى لسنة ١٩٦٥ حتى يتسمى للمؤمن له تنفيذ القرارات التحكيمية المتعلقة بالمنازعات التي يثيرها العقد.
من جهته أكد المفوض الإقليمي للجامعة الأمريكية في سورية الدكتور “عبدالله الشاهر” أهمية هذه الأطروحة كونها تمس الحالة الاقتصادية في سورية، منوهاً أننا بأمس الحاجة إلى مثل هذه الدراسات وخاصة بعد الحرب الكونية على سورية التي تقوم على الاقتصاد بشكل أساسي، وبالتالي نحتاج إلى مؤسسات اقتصادية، حيث أن العقود الاقتصادية هي الصيغة القانونية التي يجب أن نتعامل معها مع الأطراف الأخرى.
وبين الشاهر أنه في العلاقات الدولية يوجد بين الشركاء نظام عقدي ولذلك يجب أن تسود هذه العلاقة بصورة قانونية أكيدة، منوهاً أن هذه الدراسة تبحث في العقد القانوني الذي يقول أننا نتعاقد مع دولة أخرى وبدل أن تقوم المحكمة الدولية بفض النزاعات يجب أن نعمل على صياغة عقود يتم الابتعاد فيها عن الدخول في المحاكم الدولية وبالتالي لا بد من التأكيد على نقطة أساسية وهي أن تستجيب قوانين الجمهورية العربية السورية للحالة الاقتصادية في العقود والاستثمارات الأجنبية للدخول إلى سورية لرفع المستوى الاقتصادي بحيث يحقق حالة اقتصادية سوية وإرساء مؤسسات اقتصادية قائمة على الشكل القانوني الذي لا ينتج عنه خللاً يجبر المتعاقدين على اللجوء للمحاكم الدولية.