الملحق الثقافي-غسان شمه:
على مفترق الحضور والغياب، التأثر والتأثير، الاستهلاك والإنتاج، يبدو السؤال في هذا التوقيت، على جانب كبير من الأهمية ونحن ننظر ونتأمل في واقع الثقافة العربية، والنتاج المعرفي العربي على صعيد العلوم الإنسانية، في مختلف فروعها، وعلى صعيد البحث العلمي الذي بات اليوم حجر الأساس لعالم متسارع في كل شيء..؟ تبدو لوحة المشهد الثقافي والمعرفي العربي اليوم في حالة من الفقر المتزايد على صعيد الإنتاج المؤثر بسبب ضعف هذا الإنتاج إلى حد التلاشي في بعض الفروع، خاصة على صعيد الفلسفة والاجتماع وحتى في مجال النقد الإنساني والأدبي في عصرنا الحديث.. من المعروف أن المستهلك غالباً ما يخضع لشروط المنتج، ونحن هنا نتحدث عن الإنتاج العلمي والفلسفي والثقافي الذي قطعت فيه الثقافة الغربية أشواطاً واسعة تدفعنا، في الحد الأدنى، للتوقف ومطولاً، أما واقعنا الذي نفتقد فيه للمقدرة على التأثير في جريان هذا النهر الصاخب، في ضخ جداول معرفية تميزنا ببصمة ما.. في ميدان البحث العلمي، مثلاً، يشير المختصون إلى ضرورة تخصيص الدول، المعنية في هذا المجال، إلى ما تصل نسبته لواحد بالمئة من الناتج القومي لكي يحقق البحث العلمي غايته..فما نسبة ما تخصصه الدول العربية في هذا المجال؟ وفق المنظمة العربية للثقافة والعلوم لا تصل هذه النسبة لحدودها الطبيعية في غالبية الدول العربية.. وفي السياق الثقافي أيضاً، وفي إحصائية تعود لما تنشره الدول العربية من عناوين تصل إلى خمسين ألف تشير إلى أن اسبانيا، وهي دولة أوروبية صغيرة نسبياً، تنشر ما يزيد عن ذلك.. والسؤال اليوم: ما حجم التراجع في ظل الظروف الاقتصادية الجديدة للعديد من الدول العربية ؟.
العدد 1112 – 20- 9-2022