الملحق الثقافي:
لقد أضحى الارتباط بين الثقافة والاقتصاد واقعاً مفروغاً منه والعمل بمقتضاه في كل السياسات الثقافية وهو يطرح أمام البلدان العربية تمشياً مزدوجاً فهي مدعوة إلى المحافظة على حضور الدولة وأجهزة القطاع العام كضامن للحد الأدنى من الإمكانات والرعاية والحماية وتعزيز مطرد لدور القطاع الخاص في الاستثمار في مجالات الصناعة الثقافية.
ولا تكفي هنا التشريعات والنصوص بل لابد من ترسيخ عقلية جديدة في أوساط الباعثين والمستثمرين تجعلهم يولون ميادين ما يسمى بصناعة المضامين الأهمية التي تستحقها.
والحضور العربي على ساحة المنافسة الدولية يستدعي إبداعاً متطوراً شكلاً ومضموناً ويتطلب بالموازاة مع ذلك قوة تصنيع واستثمارات داخلية قادرة على الإنتاج وعلى النشر والتسويق..
ويظل تمويل الثقافة والفنون تحدياً كبيراً خصوصاً بعد التراجع الكبير في تدخل القطاع العمومي في هذا المجال في أغلب بلدان العالم.
إما لدعوى ترك السياسة الثقافية لقوى السوق كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية ..أو بسبب انهيار آليات التدخل القديمة ..وإن تطور وسائل الإعلام والاتصالات الدولية والتوسع في انتشار القنوات الفضائية( الان الشابكة ) أديا إلى تعاظم سلطة الصورة ونفوذ الإعلام المرئي على وجه الخصوص من هنا يأتي الشعور بالخطر والتهديد لدى الشعوب الضعيفة وذلك لما يتمتع به الإعلام من قدرة على تعميم أنماط العيش والاستهلاك السائدة في البلدان المتقدمة.
وهنا نشير إلى أن الإعلام العربي مازال يعاني قصوره وعجزه عن صناعة صورة الوطن العربي فمازال غيرنا ينوب عنا في ذلك نيابة فيها من الإساءة والتشويه الكثير.
ولقد حان الوقت لأن نؤمن أن نهضة الإعلام ليست بالأقمار الصناعية والقنوات الفضائية إنما في القدرة على إنتاج الرسالة الإعلامية وهي ينبغي ألا تقتصر على الداخل بل ينبغي أن تتجه إلى الخارج معتمدة لغته ومستوى إتقانه وجاذبيته لتقدم له الصورة الحقيقية عنا.
هذا بعض مما كتبه المنجي الزيدي في مشاركته بكتاب الثقافة العربية أسئلة التطور والمستقبل وقد صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عام ٢٠٠٣م وقد شارك فيه مجموعة كبيرة من الباحثين العرب نذكر منهم :جيهان سليم، عبد الله عبد الدائم، محمد احمد المجاتي، محمود أمين العالم، عدنان السيد حسين، علي وطفة، محمد جواد رضا، نظام محمود بركات ،عبد الفتاح الزين.
الرؤية مازالت هي بل ازدادت قتامة ويبدو أن كل الدراسات العربية التي تستشرف القادم وتعمل على بناء الإنسان تبقى حبيسة الأدراج والكتب التي نشرتها.
العدد 1112 – 20- 9-2022