الثورة – ديب علي حسن
اليوم وقد غدا الإعلام علم العلوم وأكثر السلطات قوة وتأثيراً فلم يعد سلطة رابعة ولا خامسة ولا سادسة بل هو القوة الأولى والسلطة الناعمة التي لا تعلوها سلطة أخرى لأنها بكل بساطة تتسلل إلى العقول وتفعل فعلها الذي يحفر مجراه عميقاً ..
إعلام اليوم ليس صورة ولا حبراً ولا كلمات وكفى أنه مزيج من العلوم كلها بل يمكن القول: إنه العلم الذي يسخر كل شيء لخدمته ..من آخر العلوم النفسية والطبية إلى التقنيات وكل ما ينتجه العلم من جديد.
مدافع الإعلام هي الأكثر قوة وقنابله تتشظى وتفتك حيث العقول المستلبة الخاوية المتأهبة لتلقف كل ما يسد فراغها ..
والإعلام ليس خبراً ودع واستقبل وقال وصرح، هو المشهد الذي نعيشه بكل ما فيه ..من هنا تأتي الأهمية والخطورة ولا سيما بعد انتشار ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي يدعونا لأن نتساءل ونحن متلقون للرسائل الإعلامية التي تعرف كيف تغزونا..هل نحن محصنون ضد سمومها ..بل هل لدينا أمن إعلامي؟
شغلنا العشر الأخير من القرن العشرين ونحن نتحدث عن الأمن الثقافي وقبله الأمن الغذائي والسياسي والاجتماعي والعسكري ..وما في القائمة من مسميات..واليوم جاء الغازي الذي يريد أن يفتك بذلك كله ..الغزو الإعلامي من الخارج والداخل ..
ولكن ما مدى أمننا الإعلامي في يومياتنا في وسائل إعلامنا..تواصلنا..؟
ربما يقول أحد ما : الإعلام حرية وغير ذلك من الأكاذيب التي نصدقها وهذا ما يدعونا أن نقول ببساطة: لا يوجد إعلام حر في العالم وحريته كذبة كبرى ..لكل إعلام رسالة يؤديها حسب الجهة الراعية أو الداعمة أو التي تديره ..وهنا تبدو عبقرية من يدير ومن يعمل وقدرته على أن يبدو وكأنه فعلاً حر …حر…لكنه بقدرته يسبح ويبتكر أساليب تخفي القيود وراء قفازات ..
والسؤال الذي يجب أن نبحث عن إجابات له: هل نحن نعمل وفق أمن إعلامي حقيقي ..؟
في هذا الفضاء الذي نبدو فيه عراة من كل شيء ونحن نمزق أستارنا إرباً إرباً..بجواب سريع: نحن نستبيح حصوننا ونستلب عقولنا ونشحذ سيوف الذبح لأنفسنا وهذا ما يمكن الحديث عنه أمننا الإعلامي المستباح – في مرات قادمة.
السابق