منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بدأ اليمين المتطرف يطفو على سطح السياسة الأوروبية، مترافقاً مع تحول واضح بالمزاج الشعبي في معظم الدول الأوروبية تقريباً وبدأ هذا التحول يأخذ منعطفات حادة مؤخراً، وخاصة في الدول التي شهدت انتخابات تشريعية أو محلية، وذلك كردة فعل غاضبة من حكوماتها التي تسير وفق الرغبة الأميركية.
ويعد انتقاد برامج الحكومات الأوروبية والسياسات الاقتصادية التي تنفذها، وسوء الأوضاع الاجتماعية والمعيشية الناتج عن هذه السياسات، إضافة الى ظهور موقف داخل الشارع الأوروبي رافض لسياسات اللجوء والهجرة التي تتبعها بعض الحكومات الأوروبية، وصولاً الى عملية موسكو العسكرية الخاصة بأوكرانيا، والتي تعد بمثابة الشعرة الروسية التي قصمت ظهر البعير الأوروبي المنقاد برسن واشنطن الحديدي، هذه كلها أسباب- إن صح التعبير- قادت الى صعود أحزاب اليمين الراديكالية لتصبح في موقع القيادة والقرار بعدما كانت الى وقت قريب شبه محظورة.
فمن إيطاليا الى السويد الى بولندا فالمجر مروراً بفرنسا وغيرها أصبحت الأحزاب اليمينية المتطرفة حقيقة واقعة كرستها صناديق الاقتراع بشكل لا لبس فيه، الأمر الذي ينبئ بقرب نهاية الاتحاد الأوروبي كتكتل سياسي اقتصادي، وذلك نتيجة لوصول هذه الأحزاب الى مؤسسات الاتحاد نفسه وامتعاضها الواضح من السياسات الأميركية الهدامة التي أدخلت الأوروبيين في نفق مظلم لا يعرفون كيف يخرجون منه، وفي نهاية المطاف سيقع الطلاق السياسي بين الولايات المتحدة الأميركية والقارة العجوز.