في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة، أصبحت صناعة المعارض والطموح بالارتقاء بها من الركائز الأساسية لبناء اقتصادات مرنة ومستدامة. ولم تعد هذه الصناعة وتنظيمها يقتصران على عروض ومشاركات ودعوات وحضور، بل أصبحا قوة دافعة للابتكار وتوقيع الاتفاقات التجارية واكتساب الخبرات والاطلاع على التجارب، ناهيك بتوفير بعض المهام وربما الوظائف، كل ذلك يصب في خانة تحفيز النمو الاقتصادي في البلد.
فمن الأمور التي تدعو للتفاؤل خلال دورة معرض دمشق الدولي، الذي سيُفتتح بعد أيام قليلة، أنه أصبح لدى القائمين على الأمر يقين بأن تنظيم المعارض والمؤتمرات الدولية المتخصصة هو “صناعة”، وليس مجرد تنظيم حدث، فهذه الصناعة لها كيانها الخاص، وتشكل عنصراً مهماً في نمو الاقتصاد، وجزءاً أساسياً فى بناء التفاهم والعلاقات بين الدول، وهي الصناعة القادرة على استقطاب بقية القطاعات الاقتصادية نحو النمو والمنافسة بين القطاعات المشابهة لها.
خلال السنوات الماضية، لم تكن المعارض تنظّم بالعقلية التجارية السليمة لظروف ومسببات عديدة، وأسئلة شتى. فالآليات والعقليات كان لا يهمها النجاح للمعارض بقدر مايهمها الترويج لذواتها وتحقيق مصالحها الضيقة. اليوم وبعد التحرير اختلفت المعطيات، فالهدف هو النجاح والاستثمار واستغلال أمثل لتظاهرة اقتصادية كهذه في قلب سوريا.
فسحابة التشاؤم والحسرة المصاحبة لبعض التساؤلات في دورات سابقة عن عدم تطور صناعة المعارض لدينا، قد انقشعت اليوم، بعد أن أصبح لسوريا علاقات دولية ممتازة وحققت انفتاحاً واسعاً، لكن يبقى أن نحسن أعمالنا ونجهز التحضيرات بصور عالية الدقة والرتابة، وتتعاضد كل المؤسسات والشركات الخاصة فيما بينها، فبمقدار النجاح في ترتيب أدواتنا وأساليب عرض صورة بلدنا وكل مايلزم، نصل للهدف، ونستقطب الشركات ونعقد الصفقات، ونحقق الفوائد بعيداً عن الاستعراضات المعهودة سابقاً. فالأمل كبير، والجميع متأهب لبذل الجهود، كلّ حسب اختصاصه ومهامه.
أرى أن مستقبل صناعة المعارض، وتسخيرها نحو الترويج وعقد الصفقات التجارية وعرض المنتجات الوطنية عبر أساليب ونوافذ مشوقة، يبقى عاملاً أساسياً في عالم صناعة المعارض، فلنحسن فن تلك الصناعة، فنحن قادرون اليوم بعد أن تحررت العقول والأيدي وانفتحت المساحات أمام الطاقات لتعمل وتجدّ وتحقق النجاح.
أهلا وسهلا بالجميع في بلدكم الثاني سوريا الجديدة.