بما أن سيرة الرواتب تعلو على غيرها هذه الأيام من السّير ، وجدت من الواجب أن أتحدث عن راتب تقاعد الصحفيين، إذ كان تصح تسميته بالراتب، لأن المبلغ لا يمكن تصنيفه كراتب، فلا يعقل أن يتقاضى من أمضى أربعين عاماً في مهنة الصحافة راتباً تقاعدياً قدره ٣٤ ألف ليرة في الشهر أي ٣ دولارات ونصف.
موضوع رواتب تقاعد النقابات والاتحادات تقرها مجالس هذه النقابات وفقاً لايراداتها، وهي تعتبر جهات خاصة، وليست عامة، ولكن الغريب في الأمر أن الجهات العامة تهيمن على هذه النقابات وفقاً لاختصاص كل وزارة، وتتدخل في كل شيء إلا بموضوع الرواتب، ولكنها في المقابل تتعامل مع أموال النقابات معاملة الأموال العامة.
كل النقابات لديها موارد، والبعض منها موارده كبيرة جداً وعلى حساب المواطن أحياناً، كنقابة المهندسين، وهذا واضح في قضايا مثل رخص البناء، فما تتقاضاه النقابة أعلى مما تتقاضاه البلدية نفسها رغم أن جزءاً مما تتقاضاه البلديات يعود للخدمات العامة، والأمر طبعاً لا يقتصر على نقابة المهندسين، ولكن على سبيل الذكر وليس الحسد.
اتحاد أو نقابة الصحفيين كان لديها من الأملاك ولاسيما العقارية الكثير، ولو تم استثمارها، وليس التفريط بها، لكانت مواردها كبيرة جداً قياساً بعدد الصحفيين الذي لم يصل إلى العشرة آلاف صحفي، ولكن الإدارات المتعاقبة فرطت بكل الأملاك وحولها البعض إلى مكاسب شخصية.
بناءً على زيادة الرواتب حالياً يجب أن ترتفع موارد نقابة الصحفيين لأن الاقتطاع من الرواتب هو نسبة، وليس رقماً ثابتاً، ولذلك يجب أن يتم توزيع الزيادة على الرواتب التقاعدية حفظاً لماء وجه ما يسمى الراتب ( ٣.٥) دولارات، أو إلغاء الراتب من أساسه لأن ذلك لا يليق بسمعة النقابة ولا الحكومة.
في حفلات تكريم المتقاعدين تغرورق عيونك بالدمع وانت تسمع عبارات : “زميلي المتقاعد.. اللهم نشهد بأنك بذلت جهوداً كبيرة خلال مسيرتك، فنسألك يا رب أن تجعل تعبه شاهداً له يوم القيامة، واجعل يالله جهده وإخلاصه في ميزان حسناته، أمين يا رب العالمين”.. فهل عزيزي الصحفي بعد هذا الكلام تسأل عن راتب؟
