الثورة – هفاف ميهوب:
أوّل الأجنحة التي تصادفك لدى زيارتك معرض الكتاب السوري، المقام حالياً في مكتبة الأسد الوطنية، جناح الهيئة العامة السورية للكتاب.. تتأمّل إصداراتها، فتلفتك عناوين منها: كتاب “بين عصرين.. في الجغرافية وأدب الرحلة.. نحن والآخر”.. تأليف: الكاتب والباحث “قاسم وهب”..
تتصفّح الكتاب، فتشعر بضرورة مرافقة مؤلّفه في رحلته، وبدءاً من الغلاف وموجزه:
“يهدف هذا الكتاب، إلى قراءة الآخر انطلاقاً من موقفين اثنين:
أولهما: قراءته بعين القوي المسيطر، الذي يطمح إلى التوسُّع والامتداد، إذ يتجلّى ذلك فيما كتبه الجغرافيون والرّحالون الأوائل، عن البلدان التابعة لدار الإسلام والبلدان المتاخمة لها، أو البعيدة عنها، وهو شأن الأمم إبّان نهوضها.
وثانيهما: قراءة الآخر بعين المتطلّع إلى الخروج من ربقة التخلّف والركود، والشلل الحضاري المزمن، وهو ما عبّرت عنه النصوص الرحليّة المبكرة، التي حاول أصحابها تتبّع ملامح النهضة الأوروبية الحديثة، بغية استلهامها واقتفاء أثرها، والأخذ بالمناسب منها..
هذا ما يتضمنه الكتاب الذي نختار من قراءته الأولى مشاهدات وانطباعات “المسعودي”.. الذي يُعتبر من أكثر الباحثين والرحالة الجغرافيين، إحاطة بكلّ التراث الأدبي لعصره، وقد كان لرحلاته ومشاهداته، دور كبير في معرفة كلّ ما يتعلق بتاريخ المسلمين، وتواريخ الأمم، ومصادر ثقافاتها وأسباب نهوضها..
أما القراءة الثانية، فتبحث في تطلع بعض الرحالة العرب إلى نهضة وحضارة الآخر، ومنهم “فرانسيس مراش”.. الذي غادر مدينته حلب إلى باريس، مفتوناً بسحرها وبريقها وتمدّنها وحرّياتها، معتبراً أن دراسته فيها، هي ما يضيء العقل بطريقةٍ، استلهم منها لروايته “غابة الحق” التي تدعو للانتقال من مجتمعات التوحش إلى التمدّن.
كُثر من الرحالة السوريين اقتفوا الأثر الحضاري الذي اقتفاه “مراش”.. ورغم أن هدفهم من رحلاتهم كان معرفة الآخر، إلا أن السبب الأكبر هو تعسف وظلم الحكم العثماني في منتصف القرن التاسع عشر..
تتوالى الأمثلة في الكتاب، الذي يختمه مؤلفه بالانتقال من أدب الرحلات، إلى أدب المهجر والحنين إلى الوطن، والاحساس الموجع بالاغتراب، وهكذا إلى أن يكون المنفى، وحسب المفكر “إدوارد سعيد”: شرخٌ لا التئام له بين الذات، وموطنها الحقيقي”..
يقع الكتاب في 312 صفحة من القطع الكبير، وقد صدر عام 2021 عن الهيئة العامة السورية للكتاب.

التالي