عندما تستعرض حوادث العنف التي تجري يومياً في الولايات المتحدة الأميركية والقرارات المزعزعة للأمن والاستقرار العالمي التي يتخذها البيت الأبيض والصف الأول من السياسيين الأميركيين بين حين وآخر، تشعر دون أدنى جهد أن هناك ارتباك واضح تعيشه الطبقة السياسية الأميركية، وذلك نتيجة للتأثيرات الصادمة للأحداث العالمية الأخرى على المشهد السياسي الدولي وموقع أميركا فيه، والذي استثمرته واشنطن بشكل منفرد على مدار أكثر من ثلاثة عقود لتحقيق أجنداتها المدمرة حول العالم.
وفي مقدمة الأحداث المهمة التي أحدثت التغيير في موازين القوى في الساحة الدولية يأتي صمود سورية في مواجهة المشروع الأرهابي الأميركي وتحقيقها لانتصارات كبيرة في حربها على الإرهاب بالتعاون والتنسيق مع أصدقائها وحلفائها وعلى رأسهم روسيا الاتحادية وإيران، بالإضافة لتورط واشنطن وأتباعها الأوروبيين في حرب أوكرانيا وانعكاس ذلك بشكل ضاغط على الحياة اليومية للشعب الأميركي وشعوب أوروبا، مروراً بجائحة كورونا والحرب الاقتصادية الأميركية الصينية وغيرها من القضايا التي عرت السياسة الأميركية داخلياً وخارجياً.
ومن الدوافع السياسية للمطرقة التي هوى بها الأميركي “ديفيد ديبابي” على جمجمة زوج نانسي بيلوسي يوم الجمعة الفائت في عقر دار رئيسة مجلس النواب الأميركي، والتي كان هدفها الأساسي رأس الديمقراطية بيلوسي، إلى الرسائل التصعيدية لقاذفات القنابل النووية من طراز (بي 52) التي أرسلت بها الإدارة الإميركية إلى أستراليا، وما بينهما من أحداث وتصرفات اميركية داخلية وخارجية، تتوالد أسئلة لا تعد ولا تحصى حول دوافع واشنطن في الاستمرار بالتصعيد وارتكاب المزيد من الأخطاء التي أصبحت عبئاً ثقيلاً عليها وعلى أتباعها، وما تعانيه أوروبا اليوم من نقص في الغذاء والطاقة جراء انسياقها الأعمى وراء السياسيات الأميركية الهوجاء، خير دليل على عنجهية البيت الأبيض واستماتته بالتمسك بقطبية أحادية أصبحت من الماضي.