ديب علي حسن:
لن أكون جباناً وسأروي ما جرى معي عام 2003م وكان قد بدأ ما يسمى (ربيع دمشق) على طاولة اجتماع هيئة التحرير بحضور المدير العام وقتها ( فهد دياب ) وهيئة التحرير المصغرة كاملة – تطرق الحديث إلى ما ينشر من تأليب على الدولة, أقول الدولة, تأليب وليس تنويراً, وكان بعض الناشرين ممن يصولون ويجولون وقد كشفت الأيام أنهم فعلاً كانوا مرتزقة, سألني المدير العام بصفتي متابعاً للشأن الثقافي ورئيس دائرة الثقافة: ما رأيك بما يكتبه البعض, ربما لم أكن دبلوماسياً في الإجابة فقلت: تجارة وتكسب ولا ثقة لي بمعظم المثقفين, – معظم – قامت الدنيا علي ولم تقعد من بعض الحضور ممن كانت أقدامهم هنا وهناك, ثم استرزقوا بالمواقع التي وصلوها, وبعد أن تركوها عادوا إلى ( هناك وهناك ).
بقيت الحملة الشعواء لشهور مستمرة بما فيها عدد من ( الدومري ) كانت الإساءات أكثر من شخصية, المهم أنها مضت وأعود اليوم بعد تلك الفترة الزمنية لأؤكد ما قلته, ومن الجملة المشهورة ( المثقفون هم الأكثر خيانة لأوطانهم, لأنهم الأكثر قدرة على تبريرها) لا أدري إن كانت تنسب إلى لينين أو غيره.
وفعلاً ما جرى على سورية من عدوان كشف زيف ونفاق الكثيرين _ بعضهم كان ابن ملذات العطاء من المؤسسات الحكومية, لكنه طمع بالأكثر وظن أنه ذاهب إلى أن يكون صاحب بئر نفط, أو صاحب بنك بعد أن ينتصر ( الغزاة ).
أعود إلى الحديث عما جرى بعد أن تابعت تعليقات واختيارات بعض (…) ونشرهم على صفحاتهم ما يدل على أن حبرهم الأسود ما زال هو – ركوب موجة ما, لا يهمهم ما تم من تدمير للمقدرات العامة, لا يعنيهم أن الخراب هذا هو أولاً خراب لبيتك وأهلك, بل إن بعضهم نشر فوراً مقاطع شعرية, تدل على غبائه, وليس على عبقريته, ليس وقتها ولا زمانها, كما الكثير من القرارات الحكومية التي نسمع بها وتجري, كلاهما يصب في خانة التأليب المباشر أو غير المباشر, سواء أكان مقصوداً أم غير مقصود..
هل من أحد منا لا يعاني سأقول لكم أمراً, ولن أخجل منه: نحن اثنان أنا زوجتي, وهي أيضاً صحفية متقاعدة تحمل إجازة في الأدب الفرنسي, حسب عبقرية وزارة التموين لا نحصل الخميس على الخبز, ولا الجمعة, ويوم السبت لنا ربطة واحدة ربما نحصل عليها بعد الرابعة مساء هذا إذا استطعنا, مرت أيام كثيرة – لم نجد يوم السبت لقمة خبز واحدة في بيتنا, ولكم أن تتصوروا ما يفعل الجوع…
ومرَّ شهر ونيف ونحن نتصيد لحظة وصول التيار الكهربائي لصنع شبه طبخة سريعة, لسنا وحدنا في هذه المعاناة, صحيح أن البعض قد لا يرانا ولا يشعر بنا, قد يكون ذلك, لكن هل يعني ذلك أن علينا أن نخرب كل شيء..
أيها المترفون من موائد مؤسسات الدولة الثقافية – بعضكم – يقتبس وينشر ما قاله فلان في الجوع وال…… وهل كان من تقتبسون منه جائعاً. ألم يكن.. سلام أيها الوطن, لن نكفر بك, سنبقى وتبقى, نحن عابرون, أنت باق, وهم فعلاً الأكثر قدرة – بعضهم – على الانتهازية الرخيصة.