شدته من أذنه ورفعته عالياً لتصفعه، وهو ابن الأربع سنوات، ضربته أمه في الشارع وأمام الآخرين لأنه أفلت يدها مسرعاً إلى الجانب الآخر من الطريق، ليتأمل شجرة الميلاد بأضوائها الأخاذة المبهرة، من وراء زجاج أحد المحال التجارية.
خليط من مشاعر الغضب والخوف والقلق سيطرت على الأم ولم تستطع ضبطها بل ترجمتها وأفرغتها ضرباً وسباباً لصغيرها، الذي لم يفهم لماذا ضرب ؟ بل أصابته نوبة بكاء وتمرد.
تناولنا كثيراً مسألة التأديب الجسدي ولاسيما في المدارس إذ على الرغم من صدور قرار وزاري بمنع الضرب إلا أن العديد من المدارس لا يزال الكادر التدريسي يعتبره مفيداً ومسموحاً به، وهو أداة تربوية وتعليمية مجدية والغريب أن بعض الأهالي يشجعونهم بمقولتهم اللامسؤولة “العظم لنا واللحم لكم “.
ومايثير القلق أن بعض الطلاب اعتادوا على هذا الأسلوب التأديبي الذي يعجز عن تقويم سلوك خاطئ أوتصرف مسيء، والمغالاة في استخدام العقاب البدني المبرح قد يجعلهم يلجؤون إلى الكذب والحيل الدفاعية، كما يخلق منهم أشخاصاً متبلدين لايحركهم إلا العقاب أوالخوف منه.
وتختلف الحجج والأسباب التي يقدمها الآباء لتبرير لجوئهم لضرب أولادهم، وأياً كانت المبررات فهي غير مقنعة ولو من باب الخوف والحماية والحب، وأما أن يكون الضرب هو أحد الوسائل المقبولة والمتعارف عليها في تربية الأبناء، لأن الآباء تربوا هكذا..(تجدهم يحاكون سلوك آبائهم وأجدادهم بمعزل عما يجري حولهم من تغيرات جذرية في أساليب التربية الحديثة) ..فهذا جهل تربوي لاتقتصر آثاره على الإيذاء البدني الذي قد يصل إلى الموت وإنما جروح نفسية لاتندمل، لها من العواقب ما قد يمتد تأثيره إلى كامل حياة الفرد.