إنما الأمم اللغات ..

الثورة -ديب علي حسن:
كثيرا ما كانت الأمهات ومازلن ينادين أبناءهن حين الغضب منهم: سوف اذبحك ..سوف اسلخ جلدك.. إلى ما في ذلك من مفردات العقوبات اللفظية والقاسية. وكثيرا ما نردد في مشاجراتنا اننا سوف نقتل ونحرق مستخدمين مفردات قاسية …فهل نعني بها أن تكون فعلا حقيقيا على أرض الواقع..؟ ألا تؤسس لفعل عنف ..الم يكن الأجداد ومن ثم الآباء يقولون : (هداك المرض عن السرطان) إبعادا لحضوره حتى بالكلمة ..
الا نعتقد أن الكلمة تحيي وتميت ..نعم نعتقد ذلك واللغات اي لغة هي مدخل العنف الاجتماعي من مفردات ومصطلحات وغير ذلك وقد صدرت عشرات الكتب حول ذلك منها كتاب : عنف اللغة الصادر عن المنظمة العربية للترجمة _ بيروت
تأليف جاك لوسركل
ولكننا اليوم نقف مع تحليل عنف اللغة كما قدمه الدكتور عبد الرحمن عمي الأستاذ في جامعة الشارقة في كتاب : اللسان العربي وإشكالية التلقي. وقد ساهم في هذا الكتاب الذي هو حصيلة ندوة مهمة ساهم ببحث يتحدث فيه عن عنف اللسان يقول عزي :
ان اللغة المستخدمة في الحياة اليومية عامة(اي الكلام) يشوبها الكثير من العنف اللساني وبهذا يتم انتهاك حرمتها علانية، فاللغة مصدر القيمة ومتى انحسرت سلطة اللغة على المتكلم او تم إفراغها من قيمها دخل المجتمع فيما يمكن تسميته بالاتصال الاعتباطي.
ان مستويات العنف اللساني تختلف من فرد إلى آخر ومن فئة اجتماعية إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر، الا ان المشهد أصبح ظاهرة مدمرة انعكست على حياة الأفراد والمؤسسات على حد سواء، اذا كان مستواه الأدنى يتمثل في عدم الرد على التحية مثلا، فإن مستواه الأعلى يصل إلى شتم الأفراد باستخدام الألفاظ النابية وسب الدين والعباد والبلاد. ويمكن في هذه الحالة استبدال ما قاله الشاعر عن الأخلاق بقولنا:إنما الأمم اللغة ما بقيت فإن هم ذهبت لغتهم ذهبوا.

ويمتد العنف اللساني إلى مجالات شتى كالعنف الذاتي والاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي وغيره وتتجلى هذه المظاهر في شتى الأساليب.
إن العنف اللساني الذاتي ان يظلم الفرد نفسه والآخرين فيتفوه بكلمات لا يمكن العودة عنها اذا كان الضرر مس طرفا آخر في الكلام، ويشمل ذلك مثلا ان يجعل الفرد مركز اتصال الغيبة والنميمة وقول الزور وغيره، كما يتضمن ذلك أن يكثر الفرد الحديث عن نفسه ويتباهى بصفات حاضرة او مفتعلة كقوله: أنا العارف وانا الذي بنيت وشيدت وانا الشجاع وانا الشاطر وانا الذي ان فعلت تفوقت وانا الذي يلجأ اليه حين تزيغ الأبصار وانا الشمس اذا ظهرت لم يبد من كوكب واني وان كنت الاخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل… الخ.
ولو عاد المتكلم إلى بنية اللغة القيمية لوجد أن ما أصابه من خير فمن عند الله وما أصابه من شر فمن عند نفسه. وما الحديث عن النفس الا حالة مرضية وعنف لساني يضر بصاحبه قبل أن يضر بالآخرين.

ويشمل العنف اللساني الاجتماعي أساليب تجاهل الآخر والتعدي عليه واحتقاره او إهانته ما يفكك أواصر المجتمع وينهك قواه ويفرغه من القيمة. ويشمل هذا العنف مجالات عديدة، فالبعض يخص الحياة المعيشية الصرفة والبعض يخص الحياة الأسرية والبعض يخص النمط الجديد من الحياة وتقديس المال واستهلاك منتجات الغير والتباهي بالأبطال والنجوم الذين تعرض صورهم الإعلانات ووسائل الإعلام عامة، وينعكس ذلك في ألفاظ خاصة ونكت وأمثال……. الخ.
وعلى الرغم من أن بعض هذه التعبيرات قد تعكس واقعا معاشا الا أنها ليست قيما لغوية، كأن يقال مثلا :لازم الواسطة عنده كتاف، اي عنده سند، طاق على طاق اي القوي يأكل الضعيف، مش شاطر لا يستخدم الحيلة اللي قرأ قرأ بكري، اي ان التعلم لم يعد ممكنا الآن، الشركة هلكة، الأقارب عقارب، واحيني اليوم واقتلني غدوة، اي الانتفاع الآني اهم من اي شيء يأتي لاحقا، ما يشير إلى عدم الثقة بالمستقبل. حتى القريب كور وأعط لعور، اي انه العمل بأي رداءة كانت.
وفي مثل هذه الحالة تصبح الواسطة مساعدة اي صفة إيجابية والغش إنقاذ والتحايل ذكاء وتجاوز الآخرين حنكة والتعدي شجاعة والتكبر رفعة والحياء خوفا والصبر مذلة…. الخ.. ويعني هذا إدخال بنية أخرى افسادية في المعنى والمبنى.
ومع يوم اللغة العربية علينا أن نتذكر أن لغتنا صورة حياتنا تزدهي بنا وتأفل ايضا بنا ..نحن نسغها ونبضها فإذا حسن النسغ حسنت الثمار وطابت ..وصدق من حور البيت المعروف: إنما الأخلاق، إلى القول إنما الأمم اللغات.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق