” فارق حضاري أم تخلف تكنولوجي؟ “

الثورة ـ لينـــــــا كيـــــــــــــلاني:

الفارق الحضاري.. التخلف التكنولوجي.. الأمية الجديدة.. انتبه ولا تقع في الحفرة.. حفرة أي منها: الفارق، أو التخلف، أو الأمية.. مصطلحات أصبحنا نستخدمها لتوصيف حالة التأخر عن حسن التعامل مع وسائل العصر ومخترعاته، وما أفرزته التقنيات الحديثة.
وما العجز عن فهم منجزات العلوم هذه، والفشل في حسن استخدامها، والاستفادة منها سوى فجوة حضارية تفصل بين مَنْ يسعى ليفهم، ويتعلم سواء على مستوى الجماعات، والمجتمعات، أم الأفراد، ومَنْ لا يفعل.
فجوة يزداد اتساعها مع كل منجز تكنولوجي جديد.
الأمية الحقيقية في هذا العصر لم تعد تلك التي ترتبط بالأبجدية فقط بل إن أخرى تكاد توازيها، ولا تقل خطورة عنها باتت تعلن عن نفسها بقوة ألا وهي الأمية الحضارية، والتي لم تعد مقبولة بينما نحن نوشك أن نتجاوز الربع الأول من الألفية الثالثة.. ندرك خطورتها، ولا ندرك ضرورة تداركها، وقد أصبحت ملحة بسبب القفزات التكنولوجية الكبيرة، والمتسارعة التي تباغتنا بين وقتٍ وآخر.
ليس أغلب الناس من الأذكياء الذين يحرزون نجاحاً، كما أن ليس أغلبهم من البسطاء الذين لا يملكون إمكانية التعلم.. بل إن الجميع قابل لأن يتعلم وينجح، إلا أن ذلك يتطلب مساعدة من جهات تعليمية، وتثقيفية في برامج خاصة تشجع، وتمهد لاستيعاب التطور ومواكبته.. ومَنْ يتخلف عن ذلك فعليه ألا يلوم إلا نفسه إذا ما وجد نفسه عاجزاً عن فهم كيفية التعامل مع الذكاء الصناعي، أو عجز عن التفاعل مع مستقبل سيكون محكوماً بإنترنت الأشياء، وعوالم الميتافيرس، وأسواق الأصول الرقمية بيعاً وشراءً، والعملات المشفرة إذا ما طردت العملة التقليدية وأخرجتها من التداول، وآخر ما حُرر (تشات جي بي تي).. بل ماذا سيكون مصيره إذا ما تم اصطياده ممن يتسللون خفية من الأبواب الخلفية للتكنولوجيا وهو لا يتقن حروفها الأولى على أقل تقدير؟
هي ليست معركة بين متميزين ومتخلفين عن ركب الحضارة بقدر ما هي محفزات لإعمال العقل، واستيعاب مفردات هذه الحضارة ليصح التعايش معها ما دام ركبها يسير إلى الأمام فقط، ولا يتراجع ولا لخطوة واحدة إلى الوراء. وما من أحد إلا وهو قادر على الفهم، أم أنه ذلك الطفل الكسول الذي لا يريد أن يتعلم الدرس بينما هو يجلس على مقاعد الصف؟!
أدوات، ووسائل تخدم، وتوفر الجهد والوقت، وتعزز إمكانات الفرد وتفتح له آفاقاً جديدة في مساره الحياتي.. ولكن لمن يعرف، وليس لمن يجهل.. وها قد أصبحت التكنولوجيا سلعة لا سبيل للاستغناء عنها فلماذا لا يبذل بعضهم بعض الجهد للتعلم؟ إن الاستخاف بهذه الأمور يزيد من فجوة الحضارة بين المجتمعات، ومَنْ لا يعرف كيف يوظف مفردات عصره بما يخدمه فلا شك أنه سيتخلف عن ركبه، وعن أبحاثه العلمية التي تتعاظم في مساراتها، وقد أصبحت فائقة.
ألم يتعلم أغلبنا كيف يمارس عمله، أو يتواصل مع عالمه عن بعد خلال فترة الحجر والجائحة، وأصبح يعرف كيفية استخدام البرامج، والتطبيقات الأحدث منها؟ أجل هذا ما حصل عندما استدعت الضرورة ذلك.. حتى أن التعامل عن بعد أصبح عادياً، ومألوفاً بما يسهل علينا تعاملاتنا الوظيفية، والبنكية، وكذلك مؤتمراتنا، واجتماعاتنا سواء أكانت للعمل، أم للترفيه. ولو لم يكن الأمر كحالة إسعافية استدعتها الضرورة، وتتطلب إجراءً سريعاً لما اضطر الناس لأن يفعلوا ما فعلوه. والحال ذاتها تنطبق على ما سيأتي إلى ساحة حياتنا، وفضائها الذي باتت تحكمه الثورة التكنولوجية وبقوة، بينما الخيال العلمي لم يعد خيالاً.
إذن كيف سيكون الابتكار، ولو في أضيق حدوده، أو على المستوى الفردي، ما لم يتم اكتساب مهارات التعلم؟ إن قلة المعرفة تجعل المرء لا يتقدم إذ لا يكفيه أن يتعرف فقط على زر للتشغيل، وآخر للقفل. وإذا كانت الأجيال الصغيرة تندفع باتجاه التقنية، وتتقن تعاملها معها فإن هذا لا يعفي الأجيال الأكبر من أن تحذو حذوها ولا تتكئ عليها في حل مشكلاتها مع التقنيات ما دامت ستضطر لها. بل هل يعيبهم إذا ما اتبعوا دورة قصيرة جداً يطلعون من خلالها على ما يهمهم أن يتعرفوا عليه من معلومات تفيدهم في استخدام تطبيقات، أو برامج، أو أدوات إلكترونية، توفر عليهم الخطأ، والخسارة؟
بل لماذا لا تقوم المجتمعات في دوائرها الصغيرة، أو الصغيرة جداً منها، بإقامة دورات تثقيفية سريعة، أو خاطفة حتى، وربما مجانية تجيب على أسئلة، وتوفر المعلومة المجهولة لهؤلاء الكسالى الذين لا يملكون الفضول لأن يكتشفوا بأنفسهم أسئلة قد تكون من البديهيات ولكن غابت عنهم أجوبتها فلم يفلحوا في تفاعلهم مع التكنولوجيا؟ إذ كيف سيعيش أحدهم مستقبلاً في عالم متحول محاط بالأجهزة الرقمية إذا كان يجهلها؟ أو إذا ما اضطر للعيش في عالمٍ متقدمٍ لا يسير إلا بها بعد أن انتفت كل الطرق التقليدية سواء في العمل والوظائف، أم في التعاملات اليومية الحياتية؟

هكذا يُفصل العالم إلى فريقين أحدهما متقدم، والآخر متخلف.. تفصل بينهما هوة قد تقودهما إلى الصراع، وربما إلى الحروب، والعداء.

آخر الأخبار
افتتاح أول فرن مدعوم في سراقب لتحسين واقع المعيشة " التنمية الإدارية" تُشكل لجنة لصياغة مشروع الخدمة المدنية خلال 45 يومًا تسويق  72 ألف طن من الأقماح بالغاب خطوط نقل جديدة لتخديم  5  أحياء في مدينة حماة مستجدات الذكاء الاصطناعي والعلاجات بمؤتمر كلية الطب البشري باللاذقية تحضيرات اللجنة العليا للانتخابات في طرطوس الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية تناقص مياه حمص من 130 إلى 80 ألف م3 باليوم تحضيرات موتكس خريف وشتاء 2025 في غرفة صناعة دمشق وزارة الخزانة الأمريكية تصدر الترخيص 25 الخاص بسوريا .. رفع العقوبات وفرص استثمارية جديدة وتسهيلات ب... مجلس الأمن يمدد ولاية قوة "أوندوف" في الجولان السوري المحتل إعلام أميركي: ترامب يوقع اليوم أمراً تنفيذياً لتخفيف العقوبات على سوريا عودة مستودعات " الديسني" المركزية بريف بانياس تكريم الأوائل من طلبة التعليم الشرعي في التل انعكس على الأسعار.. تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار "الاقتصاد".. منع استيراد السيارات المستعملة لعدم توافق بعضها مع المعايير ١٥ حريقاً اليوم ..و فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لوقف النيران الشيباني يبحث مع وفد من“الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون "السودان، تذكّر" فيلم موسيقي عن الثورة والشعر ٥٢ شركة مشاركة... معرض الأحذية والمنتجات الجلدية ينطلق في حلب