الثورة – أيمن الحرفي:
قضاء الله شاء أن يستيقظ شعبنا على فاجعة ومأساة تضاف الى مرحلة الحرب العدوانية على سورية الحبيبة، وليأتي بعدها الحصار الظالم والعقوبات لأننا حاربنا الإرهاب و مكوناته، وفي الأيام القليلة الماضية شاهدنا صورا من الألم والصبر والشدائد و لا يبدو غريبا تلك الصور والمواقف المشرفة من شعبنا وتآزره ووقفته وقفة رجل واحد، فالرجولة مواقف وبطولات وشجاعة وإنسانية وتواضع ورحمة.
الرجولة هي مكونات أخلاقية وليست فكرية، فالشدائد تقوي وتزيد من الرجولة، وميزة الصالح أو الرجل العظيم ليست أنه قد أعفي من شرور ومصاعب الحياة، بل إنه قد تغلب عليها، أما العظماء حقًا فهم الرجال الذين يتعلمون من تلقاء أنفسهم الخير ومايفيد.
الرجل الحقيقي هو ذاك الذي يشعر بعمق، ويتصرف بجرأة، ويعبر عن نفسه بصراحة وحماسة.
ومن يستحق لقب الرجل هو الذي تكون أفكاره ومجهوداته للآخرين وليس لنفسه. القوة والشجاعة والإتقان والشرف هي فضائل الرجال في جميع أنحاء العالم. طريقة الرجل المتفوق في الحياة عادة ما تستند على ثلاثة وهي أن تكون فاضلة، وخالية من القلق، ومحفوفة بالحكمة، إنه جريء ومتحرر من الخوف. لا تضيع المزيد من الوقت في الجدال حول ما يجب أن يكون عليه الرجل الصالح، هنا رجولة الرجولة، فالرجل لديه سبب وجيه لما يفعله، ولديه إرادة في فعله . (يُجبر الرجال الحقيقيون على المخاطرة والعيش بخوف ومجازفة نيابة عن الآخرين.). وهذا ما فعله كل سوري شرب ورضع الرجولة من أمه الخنساء السورية .. لقد أظهرت السنوات الأخيرة و الأيام القليلة الماضية قوة شعبنا و محبته وأصالته التي أثبتت للعالم أجمع أننا شعب لا يمكن أن يفرقه شيء، هذا التآلف والصور والمشاهد المواقف التي شهدها وطننا الأبي سورية بكل مكوناته مع المتضررين من الزلازل التي أتت على سورية وصار الشعب خلية واحدة في مواجهة هذه التحديات، صور من المواقف المشرفة التي أهدت للعالم معاني الرجولة والتضامن.
هي صور الزنود السمر التي رفعت الحجر عن ظهر طفلة.
هي الصدور الحنونة التي ضمت أطفالا فقدوا عائلاتهم، وتأتينا صور طوابير الناس التي تبرعت بالدم فداء و نصرة لإخوتهم، صور من عرق الجبين الذي سال على جباه الشباب وهم يحملون طرود الدواء والطعام والماء للناس.
ما أجمل صور أيادي السيدات اللواتي يضعن الغطاء على النائمين بالجوامع والكنائس والمدارس والشوارع .أياد تربت أكتاف المرضى للتخفيف من وجعهم..
صور الإيثار من الناس التي خلعت معاطفها لتغطية من خرج من تحت الردم بردانين.
صور جميع السوريين وهم سهارى لتعبئة ما تيسر من ألبسة لإرسالها للمنكوبين.
هي صورة الرجل العجوز الذي تبرع بالخمسين ليتر مازوت للمنكوبين بعد انتظار طويل .. وصورة شاب ناجح في الإمارات و هو يتبرع بمبلغ كبير لوطنه وآثر إلا أن يتبرع بمبلغ كبير أيضا للطلبة الجامعيين .. وصورة التاجر الشريف الذي أفرغ مستودعاته و أرسلها للمنكوبين من أبناء وطنه .. و صورة الأطباء والممرضين و فرق الإنقاذ الذين نذروا أنفسهم وخبرتهم لإنقاذ أرواح إخوتهم في الوطن الذي جمعهم على المحبة و العطاء والإيثار .
صور من التعاضد الاجتماعي من دموع أهل سورية بكافة أرجائها على أهل سورية الساحل .. وأهل سورية الشام وحمص على أهل سورية حلب و حماة وإدلب..
و لا ننسى اتصالات و محادثات المغتربين واللاجئين الذين لم يقصروا بالمال والدعم .
نحن السوريين أهل العطاء الأول وأصحاب الأبجدية الأولى في الكتابة والنصر والصبر والرجولة..

التالي