الملحق الثقافي:
ولد في الدريكيش، محافظة طرطوس، في كانون الأول 1915 ونشأ في قرية (الحرية) التابعة للدريكيش.
تلقى تعليمه في (اللاييك) طرطوس، وفي كلية القديس يوسف (الآداب العربية المدرسية).. وعمل في حقل التعليم (18) عاماً، فدرس اللغة العربية وآدابها في الدريكيش، وأصبح مديراً للثانوية الأرثوذوكسية في «السودا – طرطوس».. وأصدر مجلة (النهضة بالاشتراك مع الدكتور وجيه محيي الدين عام 1938 في طرطوس).. وعين في لجنة الشعر في المجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية في دمشق.
انتقل عام 1936 من وزارة التعليم إلى وزارة الثقافة والارشاد القومي، فعمل في المراكز الثقافية وفي مديرية التأليف والنشر.. وأحيل عام 1975 إلى التقاعد للشعر والبحث .. بدأ النشر في الثلاثينات، ووضع نشيد الجامعة العربية عام 1948.
عضو جمعية الشعر، وترأس فرع اتحاد الكتاب بطرطوس لسنوات عديدة..
تفرّد حامد حسن في كلّ لمحة وإشارة وخطوة ورأي في حياته الإبداعية .. ولنقف أولاً عند رأيه في الشعر.. يقول :
كلمة : حية، معبرة، مسؤولة، جملة مخمليّة، متناغمة هذا هو التعبير.
تناغم، تساوق، انسياب .. هذه هي الموسيقا .. صور، ظلال، ألوان، حركة .. هذاهو التصوير إحساس، رعشة، هزّة، استثارة، هيجان هذا هو التأثير.
تعبير.. موسيقى ..تصوير.. تأثير.. هذا هو الشعر إطار فنّي يزاوج ويعاطف بين هذه العناصر هذا هو العمل الشعري المتكامل.
وحول ( الحداثة والقدامة ) والغبار الذي أثارته الحروب إزاء هذه الضجة الشعرية بين طرفي الضفاف.. يقول قيل : قديم وحديث .. ويقال كل قديم كان حديثاً .. وكل حديث سيصبح قديماً.
إذن : لا قديم ولا حديث في الشعر.. والمسألة نسبية مع الزمن، اعطنا خبزاً وخمراً، وتوارَ – أن شئت َ – وراء حدود التاريخ.
كيف يكون الأدب عالميّاً? ما هي الملامح والمقومات والمرتكزات التي تتوافر في الأدب ليأخذ محلّه من العالم ويخرج من حدوده إلى بلاد بلا حدود، كيف يتسنى له ذلك.?.
بهذه المماحكة المثيرة يقول:
قيل : العالمية في الأدب والفن، ويقال لا، لكل ّ أدب هوية وجنسية وخصائص تراثية ومقومات بيئوية.
للإنسان الصيني: ضيق الحدقتين وقصر القامة، وإصفرار البشرة.
وللإنكليزي : شقرة اللون والشعر, وزرقة العينين, وللعربي : اسمرار اللون واعتدال القامة واسوداد المقلتين، وكذلك الأدب
– الرسائليّة
لكلّ فن ّ هدف وغاية، وغايته ربما لا تكون بذاته وإنما في المجتمع الذي يولد فيه هذا الفن وعند حامد حسن، الفن مسؤول عن إرهاف أحاسيس الجماهير وتنمية أذواقها وإيقاظ ضمائرها وإيصالها إلى ( الترف الفني ).
– الريحَانيّة
لاشك أن المرأة هي النهر الحيوي الأول الذي لاتستمر الحياة الاّ به، وهي الريحانة التي لاتتساقط أوراقها الاّ لتخضرَّ وهي الأم والأخت والبنت والزوجة ولكن كيف يراها شاعرنا ?..
يراها أجمل وأشهى وأندى غرسة في حديقة الإله، مثيرة ملهمة، خلاّقة مبدعة، أصيلة في طبيعة الحياة، أصالة الحياة ذاتها تعطي ( الرسام ) شكلاً ولوناً وظلاّ.
وتهب « المثّال » صورة وتناسباً وامداء وتفيض على « الموسيقي» لحناً وانغاماً وموجاناً وتلهم الشاعر فنّاً وخيالاً وإبداعاً إنّها الحياة بمعطياتها، أوجدتها الطبيعة استمراراً للطبيعة عبر مرحلة أزليّة أبدية والحياة بدونها جافة كالصحراء موحشة كالقبور مظلمة كالأعماق غاية بلا وسيلة … هي المرآة التي نتمرأى بها وجودنا واستمرارنا.
– الحبيّبة
عشق شاعرنا الوطن حدّ العبادة, واكتنز حبّه حتى اليقين، استوحى من ريفه صفاء الإنسانية، وجرأة القول في الحق، وهدوء العاشق العابد، والتولّه بالجمال فكان الحب ُّ دينه والوطن ديدنه فاقرأ إبداعه في هذه الصور :
وطني عشقتك ثائراً متمرّداً
وانا ابنُ هذا الثائرِ المتمرّدِِ
سلسلتُ حبَّكَ خميرةً وأدرتها
للمترفِ الريّانِ والعَطِشِ الصدي
علّمتني الحب الذي نادى به
عيسى, وكانَ شعارَ آلِ محمدِ
لا شيءَ غيرُ الحبِّ مكتوبٌ على
باب الكنيسةِ أو جدارِ المسجدِ
– الهندسيّة
لاشك أن شاعرنا هندس قصائده ولكن بإبداع الفنان وإيحاء الملهم.. وضع الكلمة الهادئة إلى جانب أختها الناعمة أو الكلمة المشعّة إلى جانب كلمة نائمة فتوالدت الأفكار المفاجئة التي توصل الصور إلى معناها فماذا يقول في وصف قريته التي يأخذك إليها دون أن تمشي أو تمتطي سيارة أليس هذا هو الإلهام العبقري :
قريتي في السفح والسفحُ .. اخضرارٌ
واخضلالُ
تحتها الوادي .. وخلفَ السفحِ تمتدُّ
التلالُ
يخصب ُ الشعرُ بها .. يرتاح ُ..
يخضلُّ الخيالُ
ملؤها .. ملءُ فم الدنيا ..0 صلاةٌ
وابتهالُ
همسها نجوى .. أمانيها 00..أمانيها
« جمالُ»
ورأى في هذه الصورة المتحركة .. استمرار ذاته ولكن بإضافة تورية جميلة خبّأها .. بنجله « جمال » ونجله جمال كان متعلقاً به حتى عبقرية الحبّ.
العدد 1133 – 21-2-2023