الملحق الثقافي:
حافظ إبراهيم شاعر قومي، كان يلقب «شاعر النيل» ولد نحو سنة 1872،كان وحيد أبويه، وحين كان في الرابعة توفي أبوه دون ثروة، فذاق آلام اليتم والفقر، وقد كفله مع أمه خاله.دخل في صباه بعض الكتاتيب القرآنية ثم مدرسة ابتدائية، وقبل أن يتم المرحلة الثانوية في المدرسة الخديوية اشتعل كاتباً عند بعض المحامين ثم دخل المدرسة الحربية وعقب تخرجه فيها اشتعل في وزارة الحربية والداخلية، ونقل إلى السودان حين كان الجيش المصري هناك، فلما حدثت ثورة السودان سنة 1899م اتهم فيها فأحيل على الاستيداع، ثم المعاش، واتصل عندئذ بالأستاذ الإمام محمد عبده فنال كثيراً من عطفه وعلمه، ثم عين مديراً للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية سنة1911م وبقي فيها إلى ما قبل وفاته بشهور سنة 1932م.
ترجم رواية «البؤساء» لفكتور هيكو، وكتاباً في الاقتصاد بمشاركة الشاعر خليل مطران، وله ديوان طبع كاملاً بعد وفاته عدة طبعات.
كان واسع الإطلاع على الأدب العربي، غزير المحفوظ من شعر القدماء، كثير الاستشهاد به في أحاديثه، كما كان من أمراء النكتة والفكاهة بين معاصريه في مصر، فكانت مجالسه موضع إعجاب وسرور من إخوانه. و»مسينا» التي يتوجع الشاعر لها هنا-بلدة في جنوب إيطاليا- وقع زلزالها سنة 1908م
نبئاني إن كنتما تعلمان ما دهى الكون أيها الفرقدان
غضب الله أم تمردت الأر ض فأنحت على بني الإنسان
ليس هذا سبحان ربي،ولا ذا ك،ولكن طـبيعة الأكـــوان
غليان في الأرض نفس عنه ثوران في البحر والبركان
رب،أين المفر والبحر والــبر على الكيد للورى عامــلان
ما {لمسين}؟عوجلت في صباها ودعاها من الردى داعيان
خسفت،ثم أغرقت،ثم بادت قضى الأمر كله في ثواني
وأتى أمرها فأضحت كأن لم تــك بالأمس زينة البلدان
بغت الأرض والجبال عليها وطغى البـحر أيــما طغيان
تلك تغلي حقدا عليها فتنشـ ـق انشقاقا من كثرة الغليان
فتجيب الجبال رجما وقذفا بشواظ من مارج ودخان
وتسوق البحار ردا عليها جيش موج نائي الجناحين داني
فاستحال النجاء،واستحكم اليأ س،وخارت عزائم الشجعان
وشفى الموت غله من نفوس لاتباليه في مجال الطعان
رب طفل قد ساخ في باطن الأر ض ينادي:»أمي،أبي،أدركاني!»
وفتاة هيفاء تشوى على الجمـ ـر تعاني من حره ما تعاني
وأب ذاهل،إلى النار يمشي مستميتا تمتد منه اليدان
باحثا عن بناته وبنيه مسرع الخطو مستطير الجنان
تأكل النار منه،لاهو ناج من لظاها،ولا اللظى عنه واني
غصت الأرض،أتخم البحر مما طوياه من هذه الأبدان
وشكا الحوت للنسور شكاة رددتها النسور للحيتان
قد أغارا على أكف يراها بارئ الكائنات للإتقان
كيف لم يرحما أناملها الغ ر،ولم يرفقا بتلك البنان
لهف نفسي وألف لهف عليها من أكف كانت صناع الزمان
مولعات بصيد كل جميل ناصبات حبائل الألوان
حافرات في الصخر أو ناقشات شائدات روائع البنيان
منطقات لسان كل جماد مفحمات سوا جع الأفنان
ملهمات من دقة الصنع مالا يلهم الشعر من دقيق المعاني
فسلام عليك يوم توليـ ـت بما فيك من مغان حسانّ!
وسلام عليك يوم تعودين كما كنت جنة الطليان!
العدد 1133 – 21-2-2023