هل انتهى عهد برلمانات التصفيق والموافقة بالإجماع..!؟ ناخبون: نريد مجلساً يُمثِّلنا ولا يُمثِّل علينا
الثورة – تحقيق هيثم قصيبة:
تعيش سوريا الجديدة خلال هذه الأيام حياة سياسية حيوية ونشطة على جميع الأصعدة، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والعلمية، والخدمية.
فعلى الصعيد السياسي يقترب موعد انتخابات أعضاء مجلس الشعب الجديد، الذي سيكون المجلس الأول بعد سقوط نظام الاستبداد والفساد..
في هذا التحقيق الصحفي نحاول الوقوف على آراء المواطنين وتطلعاتهم ومطالبهم، والآمال التي يعلقونها على المجلس القادم، الذي اقترب موعده.
الاعتبارات وطنية
يقول المواطن “ه. خ”: يأمل المجتمع السوري بكل أطيافه وشرائحه ومكوناته أن يكون البرلمان القادم معبراً عن تطلعاته وأحلامه، ومناصراً لقضاياه وهمومه وطموحاته في الوصول إلى سوريا الحرة، سوريا دولة القانون والمؤسسات والعدالة والمساواة، بعيداً عن أي تمييز على أسس واعتبارات غير وطنية، لأنها ستؤدي إلى إضعاف الوطن وتدمير هياكله وبناه ومؤسساته. تلك الاعتبارات والمحسوبيات اعتمدها النظام البائد لفرض هيمنته لمدة عقود، فساهمت في تكريس ثقافة الخوف، والقمع، والخضوع، والخنوع، والفرض، والإذعان، والتبعية، والاستزلام، والمحسوبية، والمحاباة.
وإذا كانت بعض المفاهيم والمفردات السياسية من ممنوعات هوامش التداول السياسي خلال العهد المخلوع، إلا أنها غدت، حالياً، بعد التحرير من ضرورات الحوار السياسي البنّاء لتكريس مفهوم المواطنة السورية المتساوية، أو مفهوم الحكم الصالح الرشيد، أو مفهوم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أو مفهوم التعددية والتشاركية الحقيقية الفاعلة في صنع القرار السياسي والدستوري، أو مفهوم تعميم ثقافة الترشح والانتخاب الصحيحة.
العملية الانتخابية
معروف أن انتخابات مجلس الشعب السوري ستنعقد خلال هذا الشهر، ومعروف أيضاً أنه تمت زيادة عدد المقاعد من 150 مقعداً إلى 210 مقاعد، وبالتالي ستزيد حصة المحافظات وفق الإحصاء السكاني لعام 2011 وسيعين الرئيس منهم 70 عضواً- كما أفاد رئيس لجنة الانتخابات، محمد طه الأحمد، وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء “سانا” عنه.
الأحمد بيّن أنه بعد توقيع المرسوم الخاص بالنظام الانتخابي المؤقت، سيتم اختيار اللجان الفرعية، ثم تُمنح هذه اللجان 15 يوماً لاختيار الهيئة الناخبة، بعد ذلك يتم فتح باب الترشح، مع منح المرشحين مدة أسبوع لإعداد برامجهم الانتخابية، ومن ثم تُجرى مناظرات بين المرشحين وأعضاء اللجان والهيئات الناخبة”.
ومن المتوقع أن تُجرى العملية الانتخابية لاختيار أعضاء مجلس الشعب بين 15 و20 من هذا الشهر ونسبة مشاركة المرأة في الهيئات الناخبة ستصل إلى 20 بالمئة على الأقل.
وفي شهر حزيران الماضي أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب بدء أعمالها، ورجحت حينها أن يتشكل المجلس الجديد في غضون 60-90 يوماً.
العمل جار لإعداد مسودة نظام انتخابي مؤقت يضمن التمثيل دون إقصاء، ويوازن بين الكفاءة والتمثيل المجتمعي وفق وما ذكرته وكالة “سانا” عن رئيس اللجنة محمد طه الأحمد، الذي أوضح أن التشكيلة المقترحة لمجلس الشعب ستضم 70 بالمئة من الكفاءات و30 بالمئة من الوجهاء والأعيان.. وستُجرى الانتخابات في جميع المحافظات السورية “قدر الإمكان”، وفي حال تعذر الوصول إلى المناطق الشرقية، سيتم التواصل مع وجهائها لتشكيل لجان فرعية.
العملية الانتخابية القادمة استثناىية لا تقليدية، والغاية النهائية منها تأسيس برلمان حقيقي فاعل يتمتع بصلاحيات فعلية ضمن مرحلة انتقالية – بحسب الأحمد، الذي يرى أن البرلمان القادم سيُشكّل حجر الأساس لبناء سوريا الجديدة.
تطلعات المواطنين
آراء المواطنين وتطلعاتهم ومطالبهم متنوعة، فهذا نعمان أصلان، يوضح لصحيفة الثورة أنه يتمنى، كمواطن سوري، تشكيل مجلس شعب حقيقي من أعضاء فاعلين، وليس من الدمى الجامدة التي يتم تحريكها وفق نظام الريموت كونترول، إذا قيل له: صفق يصفق، واهتف يهتف، ووافق يوافق على أي قرار دون أن يكون له رأي حر.
وأكد أن المجلس الفاعل هو المجلس الذي يضم خيرة الكفاءات العلمية، الوطنية، ونخب التكنوقراط، فهؤلاء هم القادرون على سن قوانين وتشريعات تخدم احتياجات الشعب في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية وغيرها.
وتمنى نعمان أن يقوم الأعضاء الجدد بصياغة تشريعات تتضمن تعديل الأنظمة والقوانين التي كانت تخدم مصالح أعضاء مجلس الشعب أيام النظام البائد، ولا تخدم تطلعات الشعب الذي عانى من ويلات العوز والفقر والبطالة والتهميش، ولم تكن مؤسسة مجلس الشعب مكترثة بتحسين شروط معيشته، بل كانت تشرع القوانين المفصلة على مقاسات أصحاب النفوذ والمصالح والقوى المهيمنة السابقة التي كانت تحصد الامتيازات نتيجة القرب من النظام البائد.
وتمنى أن يحظى قطاع الزراعة بأولوية قصوى ضمن اهتمامات المجلس القادم، وأن يتم تشريع قوانين تخدم الزراعة والمزارع، كون سوريا بلداً زراعياً، وكون منتجات قطاع الزراعة تسهم بشكل مباشر في تأمين الاكتفاء الذاتي من كل السلع والمواد الغذائية، ويجب سن تشريعات جديدة تسهم في خدمة ودعم الفلاح المنتج كتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي من بذار وأسمدة ومعدات وغيرها بأسعار تشجيعية ومقبولة، وغير مرهقة، فكلنا يدرك ويعلم أهمية تحقيق معادلة الأمن الغذائي، والاكتفاء الذاتي الذي لا يقل أهمية عن الأمن العام.
وكذلك يجب إصدار قوانين تخدم قطاع الصناعة وتدعم المشاريع الصغيرة مالياً وتسويقياً، آملاً بأن يكون الأعضاء ممن يمثلون الشعب تمثيلاً صحيحاً.
المقعد النيابي
أما المواطن حسام علي، فلفت إلى رغبته بانتخاب برلمان سوري غير مشخصن، أي برلمان كل من يحصل على مقعد ضمنه عليه أن يعي ويدرك أن هذا المقعد ليس تكريماً لشخصه، ولا تشريفاً له ولا امتيازات ذاتية له، بل هو مقعد ملك للشعب، ومن يجلس عليه يجب أن يدافع عن قضايا الشعب وهمومه ويسعى لتلبية مطالب الناس العامة، سواء الاجتماعية أم الخدمية أم المعيشية أم الصحية أم التعليمية.
وقال حسام: إن المواطن السوري تعب من برلمانات سابقة كانت في خدمة المستبد المخلوع، وكانت صورة مجسدة ومشخصنة لأطماعه التي سخرت الوطن له ولحاشيته الفاسدة التي نهبت موارد الشعب واتخمت بالأموال المنهوبة.
وأكد أن المواطن السوري سئم برلمان الموافقة بالإجماع الذي يوافق على أي مرسوم بشكل ببغائي، فكم من تشريعات وقوانين سنها المجلس كانت لتلبية مطامع سيدة الجحيم، وقد حان الوقت لأن يكون المجلس القادم مجلساً لسن تشريعات تخدم الشعب وتعبر عن تطلعاته في العيش الكريم، وتأمين الخدمات الحيوية واستعادة الأمن والأمان في كل ربوع سوريا الحرة الجديدة.
التمثيل البرلماني الصحيح
وفي السياق نفسه عبر المواطن نادر منى عن رغبته بتشكيل مجلس شعب منبثق من القاعدة الشعبية والاجتماعية، وتمنى أن يكون المجلس القادم مجلساً فاعلاً، وممثلاً حقيقياً للشعب، وقال: لا نريد مجلساً للتصفيق والهتاف، وتدبيج المدائح، والتغني بالشعارات الطوباوية الزائفة، بل نطالب ببرلمان يمثلنا، ولا يمثل علينا، ومهمته ليس سن التشريعات والقوانين فقط، بل مراقبة الأداء الحكومي للسلطة التنفيذية، ومساءلة الوزارات المقصرة في تحقيق الخطط المطروحة، وأيضاً في حال ثبوت التقصير والإهمال للمسؤوليات يجب التوجه نحو المحاسبة واستجواب الوزراء المقصرين.
وأكد أن المواطن السوري لم يعد يثق بأعضاء اللون الواحد والصوت الواحد، بل يأمل بأعضاء من عدة ألوان وتيارات وأطياف تبرز التنوع السوري الرائع، ولابد من انتخاب الرموز الوطنية من كل القوى الوطنية التي عانت من ظلم النظام البائد واستبداده، ومن هذه القوى من قبع بالسجون والمعتقلات، ومنها من تم تهجيره إلى خارج الوطن، ومنها من عانى طويلاً من العيش في الكهوف والمخيمات، لأنهم وقفوا ضد طغيانه وظلمه.
وأشار منى إلى أن الشعب السوري كان ينعت أعضاء مجلس الشعب سابقاً بأعضاء الصمت والنعاس والتثاؤب والنوم خلال جلسات المجلس، كتعبير عن دورهم النيابي المعطَّل، وحضور المصلحة الشخصية على حساب المصلحة الوطنية والشعبية.
تشريعات ومحاسبة
بدوره المواطن فداء إبراهيم فخرو، تطرق في حديثه إلى ضرورة سن تشريعات لمحاسبة كل من ظلم الشعب السوري، وهجّره من مدنه وبلداته وقراه، وهدم المدن فوق رؤوس ساكنيها، وحوّلها إلى ركام وأنقاض، وساهم في تهجير الناس من بيوتهم لأنهم وقفوا ضد الظلم والاستبداد.
كما طالب أن يتم الاهتمام الجدي بهموم الشعب، وأول الهموم هو الهم المعيشي والاقتصادي، لقد أفقر النظام المخلوع غالبية السوريين، إذ وصلت نسبة الفقر إلى تسعين بالمئة من الشعب، بسبب الغلاء الفاحش، وتفاقم التضخم، وضعف قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وزادت الأعباء المعيشية على الطبقة الفقيرة، كما أن الطبقة الوسطى نتيجة استمرار الحرب 14 عاماً فقد انزلقت هي أيضاً إلى قاع الفقر وتبخرت مدخراتها وفقدت قيمتها.
واعتبر فخرو أن التفاؤل والأمل يتحققان عندما يكون البرلمان في خدمة الناس، لذلك لابد من تفعيل قانون المحاسبة، وتجريم كل من يفرق الشعب السوري، ويبث الفتن والأحقاد والكراهية بين مكوناته، لأن جمال سوريا هو بتنوع مكوناتها وتعدد أطيافها،
ويجب فتح المجال للجميع للمساهمة في بناء الوطن. وأشار إلى أهمية استعادة الأمن والأمان لكل الجغرافيا السورية بما يضمن ويحقق السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي.
أما المواطن حسن رياض آغا، فيقول: إن تحقيق تطلعات الشعب ترسم وفق سن قوانين معبرة ومجسدة للتضحيات الكبيرة التي بذلت، وأن أهداف ثورة الكرامة والحرية تتجسد من خلال تشكيل برلمان يعيد حقوق الناس المهجرين والمعتقلين والمختفين قسرياً، ويحاسب كل من أجرم بحق الشعب السوري ويحقق العدالة الانتقالية.
نريد برلماناً وأداء جديدين
من جهتها سهى درويش تمنت أن يعبّر مجلس الشعب القادم عن تطلعات الشعب السوري، ويكون ذلك من خلال تجسيد حالة ديمقراطية تمثل شرائح المجتمع وتعبر عن همومه وتطلعاته بالحياة الحرة الكريمة.
وأشارت إلى أن سوريا الجديدة تحتاج إلى برلمان عصري جديد، وبأداء جديد وفاعل وبنّاء، يخرجنا من الأداء السلبي لمجلس الشعب سابقاً الذي كان بخدمة أصحاب النفوذ والمحسوبيات والامتيازات والمصالح المتشابكة المتحالفة على تقاسم المنافع على حساب مصلحة الشعب والوطن.
وتمنت أن يسعى أعضاء مجلس الشعب الجديد إلى تحسين الحياة المعيشية وضرب الفاسدين ومحاربة الفساد في أي موقع كان، وعلى مستوى المؤسسات الكبرى أو الدوائر الصغرى، وأيضاً سن قوانين لاستعادة الأموال المنهوبة وضخها ضمن شرايين الحياة الاقتصادية كصناديق تنموية واستثمارية، وبما يساهم في إعادة البناء والإعمار.
بتول سلامة، دعت إلى سن القوانين التي تساعد في تحسين الأداء الاقتصادي والاستثماري، مع ضرورة أن يضع المجلس الجديد على أجنداته المطالب الجوهرية الأساسية، وأولها: استعادة الأمن والأمان، وتحسين المعيشية للأسر السورية التي طحنتها الحرب لمدة طويلة، ورزحت تحت نير غوائل الحاجة والبؤس والفقر. ورأت أن قوة المجلس الجديد تبرز من خلال تأمين الكفاية المادية لكل السوريين، بما يضمن الحرية ويعزز الكرامة الإنسانية.
البرلمان ونشر الأمان
المواطنة حسناء عمران، أكدت أن أعضاء مجلس الشعب يجب أن ينشروا ثقافة الأمان والسلم الأهلي، وتمنت أن يكونوا من الدعاة الفاعلين في نشر قيم المحبة والأخوة والتسامح والصفح والعفو والوئام والوفاق بين مكونات الشعب السوري، بما يوطد ويمتن الوشائج.
ورأت أن مقومات الأمان والسلم الأهلي تكمن في بث الروح الوطنية بين أطياف المجتمع السوري ونبذ الفتنة والتفرقة والانقسام، ويجب على كل عضو مجلس شعب أن يمارس دوره في الوسط الذي انتخبه، ويدعو إلى ثقافة المحبة والوفاق الوطني ووحدة سوريا، إذ إن سوريا الحرة الجديدة لا تقبل القسمة أو الانقسام.
ولفتت إلى أنه لابد من نشر الأمان وترسيخ الاستقرار وتجاوز كل مؤثرات الخلاف والانتقام، والعمل على تفعيل آليات العدالة الانتقالية، وفق محددات ونواظم تؤطر الحريات، وتحاسب كل من انتهك كرامة وحقوق السوريين.
المواطن وضاح أديب شدّد على أهمية تبريد قلوب أولياء الدم، وأكد أن الأمان الحقيقي ينتج عن إغلاق أبواب الانتقام، ويتحقق ذلك من خلال سن تشريعات قانونية عادلة ترتكز على محاسبة كل من تورط بسفك دماء السوريين الأبرياء.
تحديات الانتخابات
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة اللاذقية الخبير القانوني الدكتور ذو الفقار عبود، عبّر عن رؤيته للاستحقاق الانتخابي القادم بالقول: إن النظام الانتخابي في سوريا الجديدة يتضمن حزمة من الضمانات التي تراعي مبدأ الشفافية السياسية والاجتماعية، والتي تشمل تشكيل لجان انتخابية فرعية في المحافظات وتحديد آليات دستورية للطعن أو الاعتراض على الانتخابات في حالة الشك بنزاهتها.. وأيضاً إتاحة المجال أمام تطبيق الرقابة المجتمعية والدولية، وذلك بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات”.
وأشار إلى أن “كل ما سبق تم التأكيد عليه بهدف تشكيل مجلس شعب يشكل مؤسسة رقابية وتشريعية في مرحلة إعادة البناء والتشريع، وأن النظام الانتخابي المؤقت نص على زيادة عدد المقاعد التمثيلية من 150 إلى 210 وفقاً لإحصاء عام 2011 مع تخصيص نسبة منها لا تقل عن عشرين بالمئة للمرأة، وتشجيع مشاركة الشباب بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
أما بالنسبة لثلث الأعضاء الذين سيتم تعيينهم من قبل رئيس الدولة، وهم سبعون عضواً فسوف يتم اختيارهم من أصحاب الكفاءات الفنية والتكنوقراط”.
وقال الدكتور عبود: إنه بحكم خبرتي السياسية أعتقد أن وجود آلية مناسبة لرقابة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية على الانتخابات، هو خطوة رائدة على مستوى الدول العربية، كما أنها خطوة مهمة جداً لضمان نزاهة عملية الانتخابات وشفافية النتائج، فوجود رقابة مجتمعية ومؤسساتية محلية ودولية يعطي مصداقية لعملية الانتخابات، لاسيما أنها اختبار جدي سياسي ودستوري ومؤسساتي للسلطة الحالية، ومدى قدرتها على إفراز وتشكيل سلطة تشريعية تمثل المكونات السورية المتنوعة.
ولفت إلى أن زيادة عدد المقاعد النيابية جاءت كنتيجة لمطالبات عديدة وواسعة من المجتمع المدني السوري بضرورة زيادة عدد الأعضاء بالاعتماد على الإحصاء السكاني خلال العام 2011. وكل هذه الإجراءات من شأنها زيادة عدد ممثلي الشعب السوري في البرلمان الجديد خلال المرحلة الانتقالية الدقيقة سياسياً واقتصادياً التي تمر بها سوريا، وكذلك هي نزول عند رغبة المجتمع السوري بالتشاركية وصناعة نظام سياسي جديد يترك للشعب السوري دوراً أساسياً في صياغة القرار السياسي في البلاد.
وكشف الدكتور عبود أن التجربة الديمقراطية الحالية سبّاقة على مستوى المنطقة، إلا أن هناك تحديات جدية أمام هذا الاستحقاق الانتخابي، ويمكن إيجازها بالتقاط الآتية:
أولاً: لن تكون عامة ومباشرة، وهذا سينعكس على عدم توفر ضمانات التمثيل العادل والكفاءة ووصول نخبة التكنوقراط.
ثانياً: ومن التحديات وجود مناطق انتخابية خارج السيطرة الكاملة للسلطة الحالية، ولن يكون هناك تمثيل حقيقي وفاعل لها.
ثالثاً: غياب البيانات الإحصائية السكانية المحدثة والاعتماد على نتائج الإحصاء السكاني لعام 2011.
رابعاً: غياب الحوكمة المعيارية الانتخابية الشفافة، وغياب الرقابة القضائية المستقلة على العملية الانتخابية على الرغم من وجود رقابة دولية ومجتمعية.
ونوه الدكتور عبود بأنه سيكون لحوكمة عمل اللجنة الانتخابية أثر بالغ الأهمية في الموثوقية بالعملية الانتخابية ومصداقيتها ونزاهتها وشفافيتها، إذ سينعكس ذلك إيجابياً على الاعتراف بشرعية السلطة المتولدة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا الجديدة.
وشدد على ضرورة وضع آلية انتخابية تمكّن المرشحين، بشكل متكافئ، من تقديم برامجهم الانتخابية، وإجراء الانتخابات بآليات الاقتراع السري وبشفافية تامة، وتحت رقابة قضائية محايدة، وبتمكين وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية من مراقبة العملية الانتخابية.
وختم بالقول: إن الانتخابات ستكون اختباراً حقيقياً للسلطة والجمهور الانتخابي في الكشف عن قدرة الطرفين على تحمل المسؤوليات الوطنية وتقديم نموذج حضاري جديد يمكن الاعتماد عليه في بناء سوريا الجديدة الحرة.
كلمة أخيرة
إن وجود مجلس شعب، يمثل السوريين بشكل حقيقي، لم يعد حالة ترفية، بل أصبح ضرورة وطنية لتأسيس حياة سياسية حقيقية، تتحرك في إطار قوانين عصرية مدروسة وتعبر عن تطلعات الشعب السوري في العدالة والكرامة والحرية.. وإن الحاجة إلى البرلمان الجديد هي بإبراز دوره الفاعل في أن يكون صوت المواطن السوري وناقل همومه وقضاياه إلى تحت قبة المجلس، والسعي إلى حلها بروح وطنية، عنوانها تمثيل المشاركة الشعبية وتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع وفق التمثيل الوطني الصحيح لجميع مكونات وأطياف الشعب السوري، وبما يعبر التعبير الأمثل والشفاف عن التعدد والتنوع السوري ويحقق معادلة سوريا للسوريين جميعاً وليتشارك الكل في مسيرة البناء والإعمار.