من الكيماوي إلى الإنجاز.. قصة امرأة ملهمة

الثورة – ميسون حداد:

في ليلة الموت الصامت كُتبت لها الحياة، وعبَرت سنوات الحصار والجوع لتخرج أكثر صلابة وإصراراً.لم تتجاوز بتول عبد الرحمن الثالثة عشرة عندما قصف النظام المجرم الغوطة بالكيماوي.. اليوم، تقف معلّمة للأجيال في عين ترما وعموداً أساسياً لمشروع تطوعي يعيد للنساء والأطفال قدرتهم على الحلم والنهوض.

ذكريات لا تُمحى

تروي بتول لصحيفة الثورة عن لحظات المجزرة التي لا تفارق ذاكرتها: “كنت أستنشق الغاز، وأرى الناس من حولي يسقطون فجأة، ثم يفارقون الحياة، كان وقع ذلك مدمّراً”، وعندما عادت للمدرسة، لم تجد أيّاً من زملائها الذين تعرفهم، وكانت التجربة قاسية بكل تفاصيلها.المشهد الذي ظل عالقاً في ذهنها هو الأم الحامل التي سقطت أثناء محاولتها إنقاذ طفلها، “هذا المشهد لم يغادر ذهني أبداً”، تضيف بتول، موضحة شعور الخوف العميق من الفقدان وعدم الاستقرار الذي رافقها لسنوات.

من الألم إلى القوة

رغم شعورها بالتحطيم والانكسار، تقول: “في فترة من حياتي كنت مستسلمة تماماً، لكن شعرت أن عليّ أن أعيش، أن أكبر، أن أستمر.. قررت مواجهة حياتي وأيامي، وحوّلت الألم إلى قوة، كل ما مررت به لم يكن ليقتلني، بل علّمني كيف أكون أقوى”، هذا الدافع دفعها لاستكمال تعليمها رغم الظروف الصعبة وكانت كلمة “سأصير” شعارها الدائم، وتعد نفسها: “سوف يأتي يوم يراني فيه الآخرون، يوم سيراني الوزراء، يوم سيراني الرئيس، يوم سيكون لي بيتي وسيارتي.”

الأمومة والزواج المبكر

تزوجت بتول في سن الرابعة عشرة في فترة افتقدت فيها للأمان، ورأت عائلتها أن الزواج قد يكون حماية لها. بعد أن رزقت بطفلين، حرصت على منحهم ذكريات سعيدة بعيداً عن الألم الذي عاشته، وغرست فيهم قيم الصبر والمثابرة. “أريد لهم أن يكونوا أقوياء على مواجهة الحياة وتحقيق أهدافهم، وأن يدرسوا ويتعلموا أكثر مني”، تقول بفخر.

التعليم والعمل التطوعي

أكملت بتول دراستها بعد توقف طويل، فتقدمت للشهادة الإعدادية ثم التحقت بالثانوية العامة وتخرجت عام 2023 وهذا أعطاها شعوراً غامراً بالسعادة والاطمئنان، بعدها انخرطت في تعليم رياض الأطفال وخضعت لدورات التثقيف الصحي مع الهلال الأحمر، وبدأت العمل التطوعي في مجالات التعليم والإغاثة. كان للهلال الأحمر دور بارز في عملها الإنساني، إذ ساعدت في متابعة ملف المعتقلين في سجن صيدنايا وزيارة عائلاتهم لضمان حصولهم على العلاج بعد الإفراج عنهم. توضح بتول أن النجاح الدراسي أعطاها شعوراً بالتمكين النفسي والمعرفة التي ساعدتها على مواجهة تحديات الحياة، رغم الانتقادات المجتمعية في البداية.

رسالة للنساء

وتوجه بتول رسالة لكل النساء اللواتي يشعرن أن الطريق مسدود: “النجاح في يدكِ، وكل ما تحتاجينه هو أن تثقي بنفسك، كل واحدة منا لديها القدرة على الوصول إلى أهدافها وتحقيق أحلامها. المثابرة والعمل الجاد سيقودانك إلى هدفك”.

وتختم بتول مسيرتها التعليمية بكلمات ملهمة: “كنت لوحدي خلال دراستي، آمنت بنفسي عندما لم يكن أحد يؤمن بمسيرتي العلمية ولا بقدراتي، لم أجد السند، وكل ما أنا عليه اليوم هو حصاد اجتهادي الشخصي، وأنا فخورة بما حققته”.

آخر الأخبار
خيوط خفية خلف مأساة 17 تموز..السويداء بين الجرح الإنساني والانقسام الاجتماعي مقترح أوروبي بتعليق التجارة مع إسرائيل.. والصحة العالمية تؤكد بقاءها في غزة ماذا وراء تهجير "البدو" من السويداء؟حقائق وخفايا "التحول الرقمي".. يكافح الجانب الأسود في الاقتصاد كندا تمدد إجراءات دعم الشعب السوري محللون غربيون: سوريا قادرة على إعادة بناء مؤسساتها "المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا"..تقليل الاعتماد على الاستيراد تعزيز الوعي المجتمعي وتشديد الإجراءات الأمنية لحماية كبار السن سوريا وكرواتيا .. تعاون استثنائي تعززه تجربة الحرب بالبلدين "تربية القنيطرة": تطوير العملية التعليمية وتأمين مناخ إيجابي مبادرات أهلية في طرطوس لتأمين الاحتياجات المدرسية إطلاق خدمة السجل المدني في مركز بريد الحجاز مشاريع حيوية لتحسين واقع مياه الشرب في درعا مراقب الإخوان في سوريا: دعوات الحل اجتهادات شخصية والجماعة باقية شريكة للمرحلة الانتقالية "أصحاب الفروغ" في حلب.. معركة الحقوق المهددة بين القانون والتعديلات "تربية درعا" تستعد لترميم عشرات المدارس المتضررة "لتمنح الحياة فرصة".. وعي وتحذير من مخاطر الانتحار الرسوم المتحركة.. بين التربية والترفيه الرسوم والمجسمات تحفز الانتباه وتعزز تركيز المتلقي دور المجتمع في رعاية المواهب وتحفيزها