الثورة – إيمان زرزور:
في مشهد مؤثر يجسد روح التضامن، تبرع طفل من بلدة كفروما بدراجته الهوائية لمصلحة حملة إعادة إعمار مدرسته.
وما لبث أن تحوّل هذا التصرف البسيط إلى قصة استثنائية ليُعلن عن مزاد علني لبيعها ووصل ثمنها إلى مبلغ 25 ألف دولار لحساب دعم كفروما، ثم أعادها إلى الطفل كهدية، لتصبح صورة تختصر إرادة الحياة في ريف إدلب الجنوبي.
هذه المبادرة الفردية ليست سوى عنوان لحراك مجتمعي أوسع، فقد أطلق أهالي كفروما حملة شعبية لجمع التبرعات المالية بهدف تمويل مشاريع خدمية وتنموية تعيد الحياة إلى البلدة وتلبي الاحتياجات الأساسية للسكان.
وبحسب القائمين عليها، بلغ حجم التبرعات حتى الآن أكثر من 150 ألف دولار ستُخصص لإعادة الإعمار وتحسين الخدمات العامة.
الحملة تستهدف دعم نحو 3500 عائلة عادت من المخيمات، وتوفير احتياجات قرابة 4000 طالب موزعين على 11 مدرسة تفتقر للتجهيزات الأساسية.
وتشمل الخطة ترميم المستوصف الصحي الوحيد في البلدة، وصيانة شبكة الصرف الصحي، وإزالة الأنقاض، وصيانة الطرق وتحسين الإنارة العامة.
وكانت برزت الفعاليات الخيرية كأداة رئيسة لدعم المجتمعات المتضررة، عبر جمع التمويل وتقديم المساعدات بشكل مباشر وسريع، وتعمل هذه المبادرات على تعزيز الوعي بمعاناة الأسر المنكوبة، وحشد روح التضامن وتشجيع ثقافة التطوع، خاصة بين الشباب، كما تساهم في ترميم المدارس والمرافق العامة، وتخفف الضغط عن المنظمات الدولية من خلال استجابة محلية أسرع وأكثر مرونة.
تجارب سابقة
مثل مبادرة “أربعاء حمص”، التي تحولت إلى حملة أسبوعية لدعم مشاريع خدمية متوسطة وصغيرة، أظهرت أثر العمل الأهلي في صيانة الطرقات والمرافق العامة وتوفير الاحتياجات الأساسية للأحياء المتضررة.
كذلك، شكلت حملة “أبشري حوران” في درعا نموذجاً لإعادة تأهيل القطاعات الحيوية مثل المدارس والمراكز الطبية وشبكات المياه والطاقة، وحاليا حملة “دير العز” في دير الزور، و”الوفاء لإدلب” وغيرها من المبادرات.
تكمن أهمية هذه المبادرات في قدرتها على تعزيز الانتماء وتحريك المجتمع نحو المشاركة في الإصلاح، إلى جانب دعم جهود المنظمات الإنسانية وتسريع وصول المساعدات، وهي ليست مجرد حملات لجمع التبرعات، بل أدوات فعّالة لتخفيف آثار الحرب وترسيخ ثقافة المشاركة والتكافل.