يوقّع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، وكذلك المدير العام لمؤسسة المعارض والأسواق الدولية على بطاقات يا نصيب معرض دمشق الدولي، ولولا المبالغة لقلتُ إنهما يتقصدان تخصيصي بالبطاقات الخاسرة، ويترصدان الأماكن التي أمرّ بها في الأغلب فيعمدان إلى تزويد البائعين هناك بتلك البطاقات التي لا تربح أبداً وغير المجدية، فمن غير المعقول أن أسحب في كل شهر كذا بطاقة ولا أحظى بربح حقها ولا حتى – يحرم عليه – ولا ليرة واحدة .. !
ورغم أن المدير العام لمؤسسة المعارض لا يعرفني ولا أعرفه شخصياً، ولكن المعروف عنه أنه رجل عملي وسمعته طيبة، ووزير الاقتصاد لا يختلف اثنان من الذين يعرفونه على مدى تواضعه وتعامله الراقي إضافة إلى ما يمتاز به من العلم والمعرفة .. ولكن رغم ذلك كنتُ على وشك اليقين بأنهما يكيدان لي كي لا أحظى يوماً ببطاقة يانصيب رابحة، لولا ما حصل معي في السحب الماضي، حيث مررت بجوار وزارة الاقتصاد، وهناك على كتف بوابة الصالحية .. توقفتُ عند بائع اليانصيب ورحتُ أُقلّب البطاقات التي أمامه علّني أعثر على البطاقة الرابحة، فسحبتُ واحدة معتقداً أنها هي، تمعّنت بسعرها فكان ثلاثة آلاف ليرة، فسألتُ البائع عن السعر لأنني أدرك سلفاً بأنهم لا يتقيدون بالسعر المدوّن، فما أن تعترض على مطلبهم أو تتساءل حتى يدخلونك بحكاية لها أول وليس لها آخر ولا فائدة، وقد مللناها وحفظناها عن ظهر قلب، بأنهم هم يشترون البطاقات من المتعهدين بسعر مرتفع، والمتعهدون يشترونها من مؤسسة المعارض بثلاثة آلاف، فيبيعونها لهم بثلاثة آلاف وخمسمئة، ليبيعها لنا البائعون بأربعة آلاف .. فما إن حدد لي السعر حتى أعطيته إياه دون نقاش كسباً للوقت، وسألته كم قيمة الجائزة الكبرى ..؟ فقال ( 60 ) مليون ليرة، فشكرته وذهبت، ودعواته تركض خلفي بأن أربح.
قطعتُ الشارع باتجاهٍ آخر ورحتُ أحلم بالستين مليوناً، وفي الحقيقة هو مبلغ لم يعد يستحق الحلم كثيراً، فالتضخم نخرَ أوصاله وسحب الكثير من دسمه، إذ هو بالكاد يشتري لي عشرة أطنانٍ من البصل، أو طناً من الجوز، أو طنين من السمك، ولا بأس فقد يصحّ أن أجد بمثل هذه السلع أو غيرها باباً لمغامرةٍ تجارية تساعدني على تحسين مستوى معيشتي – ولا منيّة الحكومة – ووضعي، أو مشروعاً إنتاجياً صغيراً، فراتبي التقاعدي لا يشتري أكثر من عشرين كيلو بصل أو كيلوين من الجوز أو أربعة كيلو غرامات من السمك ..!
صدرت نتائج السحب ليل الثلاثاء الماضي – كما العادة في كل ثلاثاء – ولكنها هذه المرة لم تكن بالفعل كالنتائج المعهودة سابقاً، فما قبل الثلاثاء الماضي ليس كما بعده، أجل لقد ربحت هذه المرة، وبرّأت ساحة الوزير والمدير، فهما لا يكيدان لي ولا يستهدفاني، لقد ربحت / 1500 / ليرة سورية – كتابةً : ألف وخمسمئة ليرة عدّاً ونقداً، ورغم أنني استغربت من هذه الجائزة فعادة تكون أصغر الجوائز توازي ثمن البطاقة أو أكثر بقليل حتى ينطبق منطق الربح على الرابح، فأنا بهذه الجائزة (العظيمة) أكون قد خسرت / 2500 / ليرة باعتباري اشتريت البطاقة بأربعة آلاف ليرة، فكنتُ خاسراً ولستُ رابحاً ولذلك فإن عبارة ( Congratulation YOU WON ) وهي مباركة بالفوز تظهر مع النتيجة على موقع اليانصيب، لا تستقيم مع الواقع، رغم ذلك شعرتُ بالبهجة وإن كانت عابرة، ولكنني بتُّ قابلاً للربح.
منذ عشرات السنين كانت الجائزة الكبرى ثلاثة ملايين ليرة ولكنها كانت تشتري عشرة منازل وأكثر، والستون مليوناً اليوم لا تشتري غرفة، ولذلك نتطلع يوماً لزيادة الجائزة الكبرى لتشتري منزلاً على الأقل .. والصغرى ليكون صاحبها رابحاً وغير خاسر.