كيف يواجه الشباب السوري فجوة الخبرات بعد سنوات من العزلة؟

الثورة- سناء عبد الرحمن:

عاشت سوريا سنوات من التحديات التي عصفت بها من جميع الاتجاهات، تاركة خلفها جراحاً اقتصادية واجتماعية عميقة. وسط هذا الواقع، وجد الشباب السوريون أنفسهم في مفترق طرق، حيث يتعين عليهم مواجهة فجوة واسعة بين ما يمتلكونه من مهارات وبين ما يتطلبه سوق العمل المحلي والدولي.

إعادة صقل المهارات

مع اقتراب عودة الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا، يطرح الشباب السوري اليوم تساؤلات ملحة حول قدرتهم على التكيّف مع هذه التحولات واغتنام الفرص المستقبلية التي قد تغير مجرى حياتهم. حول كيفية التعامل مع هذه التحديات وتوفير الفرص التي تمكن الشباب من تجاوز الفجوة المهارية، تحدث عدد من الخبراء السوريين لصحيفة الثورة، حيث قدّموا رؤاهم حول سبل تطوير رأس المال البشري وتعزيز مهارات الشباب بما يتناسب مع احتياجات السوق المتجددة. أشار الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد إلى أن الحرب التي مرت بها سوريا منذ عام 2011 كانت لها آثار اقتصادية عميقة، إذ دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة الكثير من الشباب إلى إهمال التعليم الأكاديمي والمهني نتيجة لتزايد معدلات البطالة وتدهور المستوى المعيشي.

وأضاف: إن تراجع الانفتاح على الشركات العالمية أدى إلى غياب فرص العمل المتخصصة، ما جعل الكثير من الشباب يفتقرون إلى المهارات العملية اللازمة لتلبية احتياجات المشاريع المستقبلية. مع ذلك، أكد الدكتور محمد أن هناك فرصة حقيقية لإعادة صقل المهارات الشابة في ظل التحولات الاقتصادية المتوقعة، خاصة مع دخول الاستثمارات الأجنبية التي قد توفر فرص عمل جديدة في مجالات متنوعة، وأشار إلى أهمية تفعيل برامج تدريبية متخصصة ودورات تعليمية متقدمة تساعد الشباب على مواكبة التقدم العالمي في مختلف القطاعات.

كما أوضح أنه رغم الظروف الصعبة التي مر بها التعليم والتدريب المهني في سوريا، فإن التقنيات الحديثة والبرامج التعليمية عبر الإنترنت توفر فرصاً كبيرة للشباب لاكتساب مهارات متقدمة في مجالات عدة، مما يعزز قدرتهم على التنافس في سوق العمل المحلي والدولي، وأكد أن التدريب العملي في الشركات المحلية التي تستقطب الاستثمارات الأجنبية سيكون له دوراً كبيراً في تطوير المهارات وتعزيز الخبرات.

وأشار د. محمد إلى أن بعض الشباب السوري الذي هاجر إلى الخارج قد اكتسب مهارات متقدمة، وهناك أمل في أن يعود هؤلاء الشباب للمساهمة في إعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد السوري، ومع ذلك، تبقى التحديات الكبرى في كيفية استعادة هذه الخبرات وتوجيهها نحو الاستثمار في التنمية المحلية.

القطّاع الطبي.. تحدّيات وفرص

من جانبه، تحدث الدكتور وائل يازجي، الطبيب الجراح، عن تأثيرات الحرب على القطاع الطبي في سوريا، فرغم هجرة أعداد كبيرة من الأطباء، أكد أن سوريا لا تزال تضم عدداً كافياً من الأطباء لتلبية احتياجات المواطنين. ورغم تراجع مستوى التواصل بين الأطباء السوريين والدول المتقدمة بسبب العزلة، استطاع العديد منهم الحفاظ على مهاراتهم من خلال الاطلاع على أحدث الأبحاث الطبية عبر الإنترنت، ما يجعلهم قادرين على إدارة المستشفيات والمراكز الطبية المتطورة في حال توفر الظروف المناسبة. وأشار الدكتور يازجي إلى أن تدهور المؤسسات الصحية في السنوات الأخيرة كان من أبرز التحديات التي واجهت القطاع الطبي، لكنه لفت إلى وجود تحسن ملحوظ في مستوى الخدمات الصحية هذا العام، حيث تم تطوير العديد من المستشفيات العامة من حيث التجهيزات والإدارة. وفي حال استمرت هذه الجهود، من المتوقع أن تتمكن سوريا من بناء نظام صحي متقدم يواكب التطورات العالمية في المستقبل القريب.

قدرات القطاع الهندسي

أما في القطاع الهندسي، فقد تحدث المهندس مازن علي عن قدرة المهندسين السوريين على التكيّف مع المعايير العالمية، مشيرًا إلى أن المهندسين في مجالات الهندسة المدنية والمعمارية يعدون من بين الأفضل في الوطن العربي، بفضل المناهج التعليمية المتقدمة في سوريا، وأوضح أن العديد من المشاريع الكبرى، مثل “ماروتا سيتي”، قد تم تنفيذها بيد مهندسين سوريين، مما يعكس القدرة العالية على تنفيذ مشاريع معمارية متطورة.

و أشار علي إلى أن إتقان اللغات الأجنبية يشكل تحدياً رئيسياً بالنسبة للكثير من المهندسين السوريين، وهو عامل أساسي في القدرة على التواصل مع الشركات الدولية والعمل في مشاريع عالمية، ومع دخول استثمارات جديدة إلى سوريا، ستكون هناك فرص أكبر للمهندسين السوريين لتطبيق مهاراتهم عملياً، ما سيعزز كفاءاتهم ويحفزهم للإبداع في مشاريع جديدة.

تنمية مستدامة

تبقى مسألة تطوير رأس المال البشري الأساس لأي عملية تنموية مستدامة في سوريا، ومع دخول الاستثمارات الأجنبية وعودة الأمل في إعادة الإعمار، يصبح من الضروري أن يستثمر الشباب السوري في مهاراتهم الشخصية والمهنية من خلال التدريب المتخصص والدورات التعليمية، يمكن للشباب السوري أن يصبحوا جزءاً من الحل.

وإذا تمكنت الحكومة السورية والقطاع الخاص من إيجاد بيئة تعليمية وتدريبية تشجع على التطور المهني، فإن ذلك سيسهم في سد الفجوة بين المهارات المحلية والمتطلبات العالمية، ما سيعزز قدرة سوريا على جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.

آخر الأخبار
"واكب".. نواة لحكومة رقمية مرنة وشفافة على أنقاض مساجد حلب.. تُسطّر المدينة قصّة صمودها قرار تنظيم الأمبيرات في حلب بين الترحيب الشعبي وضعف الالتزام الليرة تتراجع أمام الدولار والأسعار تواصل الارتفاع في المواجهة اليومية للشاشات.. هل من سبل للوقاية؟  الأسرة المتماسكة.. بيئة خصبة لإنتاج الطاقات المبدعة قضم الأظفار عند الأطفال.. هل مؤشر لمعاناة أخرى؟ ظاهرة اعتماد الطفل على أمه في دراسته .. هل يمكن حلها؟ "نغم عيسى".. عندما يهز الترند عرش الإعلام الأردن: استقرار سوريا ركيزة أساسية للأمن الإقليمي الوفد الحكومي المشارك في (FII): زيارتنا ناجحة ومثمرة عندما يصبح الدفء "رفاهية" في مواجهة ارتفاع الأسعار النشء والشباب بين العنف الأسري والضياع الاجتماعي كيف يواجه الشباب السوري فجوة الخبرات بعد سنوات من العزلة؟ ثانوية النقل البحري بطرطوس.. تأهيل مهني لمستقبل واعد    فوضى الدراجات النارية بدرعا تتزايد.. والأهالي يناشدون الجهات المعنية حوادث السير بحلب.. تهديد يوميّ لحياة المواطنين يدنا الأنثوية في البطولة العربية للأندية بعد غياب بطولة درع السلوية.. الوحدة والكرامة في المربع الذهبي بين ضيق الوقت وبناء الثقة.. الحسين يقود حلم الأولمبي السوري في آسيا