فؤاد مسعد:
«أبو عين بيضا» الذي يخافه الناس ويظنون أن داخله جنيّ، هو نفسه الإنسان المٌحب الغارق في أحلام وردية تداعب مخيلته بشفافية عالية، إنه «ناجي» الذي يجسد شخصيته الفنان سعد مينا في دور يحمل الكثير من التناقضات بين الداخل والخارج، ضمن مسلسل «زقاق الجن» إخراج تامر إسحاق وتأليف محمد العاص.
في حوار دار بينه وبين والدته التي تمارس السحر يتكلم بصراحته المعهودة «أعرف أنه ليس هناك من فتاة ترضى بي، ولكن الحلم أمر جميل» يعرف أنه يكذب على نفسه فشكله المخيف والقبيح كفيل بجعل كثيرين ينبذونه وينفرون منه، ولكنه يفضل عيش الحلم ليسرق منه لحظات الفرح.. بهذا المنطق يعيش ناجي الذي يُخفي سراً يربطه بأحد أكثر رجالات الحارة ثراء، هو متصالح مع وضعه فحتى الأطفال يخشونه ويهربون منه مما جعله عرضة للتنمر، وتصل الأمور ليكون محط شك الناس بأنه هو من يقوم بالجرائم المتسلسلة، إنه نسيج أسطورة الخوف والرعب في الحارة، ولعنة بساتين الجن فيها، ولكن على الناصية الأخرى نلمس ما لديه من بساطة، لدرجة أن الشيخ يصفه بالإنسان الطيب الذي لا يؤذي أحداً.
هو كركتر جديد ومختلف يقدمه الفنان سعد مينا محاولاً من خلاله البحث عن أدوات تتلاءم مع منطق الشخصية، رجل ذو شكل غريب يجر وراءه حماره ويبتاع لمن يسكنون البساتين حاجياتهم، هي مفاصل أساسية شكلت مفتاحاً يلج عبره إلى روح شخصية تمتلك سماتها الخاصة التي تصل أحياناً حد التناقض، ساعياً إلى اختراق أفق جديدة باحثاً عن الجديد، تاركاً بصمته الواضحة بغض النظر عن حجم الدور، فما تزخر به الشخصية من أحاسيس وقدرات هو ما يحكم تعاطيه معها، وهي شخصية بكل ما تزخر به من عوالم تحمل غرابتها تذكرنا من خلال شكل ملابسها بشخصية «الهمشري» التي أداها سابقاً في مسلسل «بروكار» ولكن على أرض الواقع قام هنا بإيجاد المعادل الفني للدور عبر البحث عن تفاصيله لتقديمه بروح مغايرة فأتى مختلفاً حتى في المفاصل المتعلقة بآلية التعبير والقدرة على الأداء، راسماً ملامحه بكثير من الدقة .. ويبقى السؤال حول السر الذي يخفيه «ناجي» والمصير الذي ينتظره .