علا مفيد محمد
لُوحظَ في السنوات الأخيرة حب الفتيات الصغيرات لوضع المكياج و طلاء الأظافر وصبغ خصل شعرهن.
حيث يعتقدن أن استخدام مستحضرات التجميل يزيد من أنوثتهن و ذلك بفعل متابعتهن مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير و ما تعرضه من محتوى والشكل الذي يظهرن به، وطريقة وضعهن المكياج،
فيظهر لديهنّ شغف في خوض التجربة.
و هذا السلوك الذي تنتهجه بعض الفتيات يستقبله الأهل بين استنكار وقبول.
تقول إحدى الأمهات لصحيفة “الثورة”: كانت ابنتي منذ طفولتها تراقبني و أنا أمام المرآة مدقّقةً في خطوات استخدامي مستحضرات التجميل دون أن تكف عن سؤالها عن الغرض من الأدوات المنتشرة أمامها، ولم أتخيل أن يحتل الموضوع حيّزاً كبيراً من تفكيرها بعد أن وضعت قدميها حديثاً على عتبة سن المراهقة، فأجدها اليوم متعلقة فيه أكثر رغم محاولاتي لإقناعها بأن الجمال ليس شكلاً فقط و أن ذلك مضراً ببشرتها.
من جانبٍ آخر هناك أمهات لا يجدن مشكلة في ذلك بل يُسعدنَ لاستخدام بناتهن مستلزمات التجميل المختلفة بحسب قولهن” أنها الموضة أو الترند “.
في هذا الإطار تقول المرشدة النفسية والتربوية لينا حازم للثورة: أن الفتيات الصغيرات بعمرهن الصغير يكتسبن معارفهن بتقليد الكبار وغالباً يملنَ لتقليد أمهاتهن بكل شيء و خاصةً بين عمر 11 و 14 و هذا أمر طبيعي لأن هذا العمر يعتبر بداية مرحلة المراهقة، والمراهق يحتاج إلى تأكيد الذات و المكانة و إظهار سماته على العلن لتعزيز ثقته بنفسه.
وتضيف : في هذه المرحلة تمر الفتاة ببعض الصراعات الداخلية و المشاعر المتناقضة كأنها تحتاج إلى تكوين شخصية مستقلة و تحب أن ترى نفسها فتاة كبيرة جميلة و يعجب الجميع بها، وخصوصاً أن كثيراً من الفتيات يضعن المساحيق على بشرتهن فأصبح الفضول والغيرة و التقليد في هذه المرحلة سيد الموقف.
ماذا على الأم أن تفعل ؟
وتؤكد المرشدة التربوية أهمية استيعاب الأهالي لهذه المرحلة و لزوم توجيه الأمهات لفتياتها في عمر المراهقة لدعمهن و تعزيز ثقتهن من خلال وعي الأم للآثار السلبية المترتبة للمكياج على بشرة ابنتها الصغيرة و نقل هذا الوعي لها من خلال مصادقتها و غمرها بالحنان والاهتمام و تفهّم حالتها و احتياجاتها النفسية و الجسدية، وتعليمها أنها كبرت و أصبحت مسؤولة عن تصرفاتها ومظهرها وأن الاهتمام بذلك لا يعني المكياج غير المناسب لعمرها، بل الاهتمام بنظافتها و ترتيبها و ربط الجمال بالصحة والعادات الغذائية و النوم لساعات كافية، مع التأكيد على جمالها الطبيعي من خلال تذكير الأم لابنتها قدر المستطاع بأنها مهما جربت من أدوات تجميل فلا شيء أجمل مما لديها بالفعل.
حلولٌ وسطية
وذكرت حازم أننا نعلم جميعاً أن كل ممنوع مرغوب وحتى لا نبالغ بالحرمان لا ضيرَ بالسماح لهنّ بوضع بعض مساحيق التجميل في المناسبات العامة والأعياد لإشباع رغباتهن في الأمر حتى لا يتحوّل الموضوع إلى هاجس يشغل تفكيرهن.
و يمكن إعطاء الفتاة حلاً وسطاً لإرضاء فضولها و رغبتها في تحسين مظهرها وذلك بالسماح لها بالاهتمام بالبشرة بوضع واقي الشمس ومرطب الشفاه الملون.
الوهم الإعلامي
أما عن تأثير السوشيال ميديا حدّثتنا الاستشارية التربوية ماري عيسى عما يسمى الوهم الإعلامي الذي برأيها لا يخدع المراهقات فقط و إنما الكبار أيضاً لذلك يجب أن يكون لدينا الوعي الكامل بأن الصور خادعة و لا تعبّر دائماً عن الحقيقة و أن الجمال نسبيّ.
ولا مانع أن نستمتع به و نتعلّم ما يناسب شخصياتنا و أفكارنا بعيداً عن التقليد الأعمى.
هذا ما يجب أن تتحدّث به كل أم لابنتها و الأهم أن يكون سلوكها معبرّاً عن كلامها فالوعي فقط ينجينا من هذا الوهم.