منذ أن يترعرع المرء ويسلك طريقه في حياته يبدأ بتكوين علاقاته مع من حوله من الأصدقاء والأهل ومن يصادفهم حتى في عمله، فيتبادل معهم ويتعامل معهم وينمي هذه العلاقة الاجتماعية الرائدة التي تشكل نسغ الحياة.
ويوماً بعد يوم تتفاعل وتتجذر هذه العلاقة مع الآخرين وتستمر لتتشكل معها أواصر المحبة والتودد عبر أيام ملؤها الخير والنماء والعطاء، لكن الأمر الذي يخالف هذه القاعدة هنا هو شرود بعض الناس عن حقيقة هذه العلاقة الرائدة التي نبحث عنها جميعاً.
فبعض الأصدقاء والأقارب وحتى الجيران تراه يتعامل معك وتتعامل معه وتثق به ثقة عمياء لكنك تصطدم بالخيبة من هذا الصديق فتكتشف منه أنه يريد مصلحته فقط، ويظهر منه الخلل الذي يشوب هذه الصحبة فتراه بمجرد أن أنجز عمله معك يبتعد ويغيب ولا يسأل عنك حتى ولو على الهاتف، لأن المصلحة انتهت.
ويتضح لاحقاً بأنه أناني بطبعه والمصلحة الخاصة به هي ديدنه وعمله ضارباً بدلك عرض الحائط بكل ما هو متعارف عليه من أعراف، وعندما يعود إليك لمصلحة جديدة، بعد أن كنت لا تراه ولا تسمع صوته، تجده يخترع الحجج والمبررات لغيابه عنك.
في المجتمع مثل هؤلاء كثر، لكن علينا أن نخبرهم بأن المحبة هي التي يجب أن تسود بين الأصدقاء، وليس المصلحة، وأن ما بني على خطأ فهو باطل، وكم نحزن على أناس نتعامل معهم بكل صدق ومحبة ونتوسم بهم خيراً، ونكن لهم كل الخير لكننا نراهم عندما تتحقق غايتهم معنا وتنقضي مصلحتهم يصبحون كالسراب، ولا يمكن أن تصل إليهم، ,وإن تطلب منهم أمراً ما لا يستجيبون أبداً علماً بأنك قدمت لهم الكثير.
المجتمع لا يبنى بأمثال هؤلاء، لأن عنوان النجاح في حياتنا هو المحبة والاحترام، ومن أجمل الأقوال اشدد عضدك بأخيك وصديقك، وهذا لا يمكن أن يكون إلا بالركيزة الأهم والأسمى والأرقى وهي المحبة الصادقة، ولا ننسى هنا أن كلمة شكراً للذين قدموا لنا الخدمات واجبة ومع كلمة الشكر لابد من التواصل والتلاقي مع بعضنا البعض على الاحترام حتى ولو كانت هناك مصالح متبادلة، فالعلاقات مع الناس أشبه بعقد من الألماس حلقاته متماسكة مع بعضها البعض ولا ينفصم عراها، وإذا فقدت حلقة والتي اسمها المحبة أصبح الخلل واضحاً، لنصل إلى نتيجة مفادها أن علاقاتنا الإنسانية الصافية عملة نادرة.
جمال شيخ بكري
