الثورة – ناصر منذر:
عشية يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف يوم الاثنين في السابع عشر من الشهر الجاري، تصعد قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائمها بحق الأسرى، عبر سن قوانين وتشريعات عنصرية تمس مصير الأسرى وعائلاتهم، ومن أبرزها مشروع قانون إعدام الأسرى الذين نفّذوا عمليات مقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى قانون سحب الجنسية والإقامة من أسرى ومحررين مقدسيين ومن الأراضي المحتلة عام 1948، إضافة إلى جملة من القوانين العنصرية الخطيرة، وذلك تزامناً مع مواصلة تشديد الإجراءات الوحشية التي تتخذها سلطات سجون الاحتلال، سواء من خلال تطبيق تعليمات الوزير المتطرف إيتمار بن غفير المتصلة بإجراءات تنكيلية، كالتحكم في كمية المياه، وتقليص ساعات استخدام الحمامات المخصصة للاستحمام، ومنع الزيارة، أو جريمة الإهمال الطبي المتعمد تجاه الأسرى المرضى.
وبهذه المناسبة أعلن نادي الأسير، اليوم السبت، عن إطلاق حملة تحت شعار “حريتنا-واجب”، وهي امتداد لرسالة وتساؤل الأسرى المستمر عن مصيرهم إلى متى؟، ولتسليط الضوء على قضية الأسرى المرضى الذين يواجهون جريمة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء)، فيما ذكرت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة– القدس) في بيان لها اليوم، أن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال نحو (4900) أسير/ة، بينهم (31) أسيرة، و(160) طفلًا بينهم طفلة، تقل أعمارهم عن (18 عاماً)، إضافة إلى أكثر من (1000) معتقل إداريّ، بينهم (6) أطفال، وأسيرتان، مشيرة إلى أن أكثر من 700 أسير مريض بينهم 24 مصابون بالسرطان، و554 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، و400 أسير أمضوا أكثر من 20 عاماً في الأسر، و12 أسيراً شهيداً لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامينهم.
وأشارت مؤسسات الأسرى في بيانها الذي نقلته وكالة وفا، أنّ المتغير الوحيد القائم هو أنّ سلطات الاحتلال وبأجهزتها المختلفة، عملت على تطوير المزيد من أدوات التّنكيل، وتعمق انتهاكاتها عبر بنية العنف الهادفة إلى سلب الأسير الفلسطيني فاعليته وتقويض أي حالة نضالية متصاعدة ضده بهدف تقرير مصيره، وحماية حقوقه الإنسانية.
وقد سجلت المؤسسات المختصة منذ مطلع العام الجاري نحو 2300 حالة اعتقال، حيث تشكّل عمليات الاعتقال أبرز السّياسات الثّابتة والممنهجة التي استهدفت كافة شرائح المجتمع الفلسطينيّ، وبلغ عدد الأطفال المعتقلين منذ مطلع العام الجاري أكثر من (350) غالبيتهم من القدس، فيما بلغ عدد النّساء والفتيات اللواتي تعرضن للاعتقال الـ(40).
وبحسب البيان تشكّل نسبة عمليات الاعتقال في القدس، الأعلى مقارنة مع بقية محافظات الضفة، حيث تجاوزت حالات الاعتقال خلال العام المنصرم أكثر من 3000 حالة من بين 7000 حالة اعتقال من كافة الأرض الفلسطينية، ولم تتوقف فعلياً وتيرة الاعتقالات العالية منذ مطلع العام الجاري، حيث سُجلت أكثر من 1200 حالة اعتقال في القدس وبلداتها، وذلك إلى جانب عمليات الاعتقال، والحبس المنزلي، والإبعاد، وفرض الضرائب، والغرامات، والتعويضات، وهدم المنازل، والحجز على أموال عائلات أسرى داخل سجون الاحتلال، ومحررين، بهدف محاربة الوجود الفلسطيني، وتهجير السكان الأصليين من القدس.
إلى ذلك فإن سياسة العزل الانفرادي، تصاعدت بشكل ملحوظ منذ 2021 حتّى اليوم، وتحديداً بعد عملية “نفق الحرية”، إذ يبلغ عدد الأسرى الذين يواجهون العزل الانفرادي اليوم نحو (35)، من بينهم أسرى مرضى يعانون من أمراض نفسية، وصحية مزمنة.
يضاف إلى هذه السياسات، عمليات الاقتحام لأقسام الأسرى، والتنكيل بهم، فمنذ أواخر العام المنصرم ومع مطلع العام الجاري، سُجلت العديد من الاقتحامات لأقسام الأسرى في عدة سجون، وتصاعدت فعليًا بالمقارنة مع الأشهر التي سبقت شهر تشرين الثاني 2022، وبلغت حدتها في نهاية شهر كانون الثاني من العام الجاري، حيث سُجلت عدة اقتحامات في يوم واحد، وفرضت عقوبات جماعية على الأسرى، بما فيها عملية عزل جماعية.
وبحسب البيان فإن سلطات الاحتلال واصلت وضع العراقيل أمام زيارات عائلات الأسرى وحرمان الآلاف من أفراد عائلاتهم، أو حرمان الأسرى (كعقوبة) تفرضها بحقهم، حيث تتعمد إدارة السّجون بتحويل أي حقّ إلى أداة لفرض مزيد من إجراءات التّنكيل بحقّ الأسرى، ولم تتوقف يومًا عن (ابتكار) أدوات لعرقلة زيارات الأسرى، والتّنكيل بذوي الأسرى.
هذا ونفّذ الأسرى على مدار شهر شباط وحتى الـ22 من آذار، من العام الجاري، سلسلة خطوات احتجاجية، تمثلت بخطوات عصيان يومية طالت كافة مناحي الحياة الاعتقالية، رفضًا لجملة الإجراءات التي أعلن عنها ما يسمى وزير الأمن القومي المتطرف “بن غفير” بحقّ الأسرى، والتي استهدفت تفاصيل عديدة منها كمية المياه المسموح للأسرى استخدامها، وساعات الاستحمام، والخبز، وأخذت خطوات الأسرى، خصوصيتها مع الواقع السّياسي الذي تحاول فرضه حكومة الاحتلال الأكثر تطرفا، باستهداف كل ما تبقى للأسرى.
وفعلياً بعد مواجهة استمرت لمدة 37 يوماً، تمكّن الأسرى باتفاق مع إدارة السّجون من دفعها إلى التراجع عن إجراءاتها التي أعلنت عنها، إلا أنّ هذا لا يعني أنها توقفت عن العديد من السّياسات التّنكيلية بحقّ الأسرى، والتي أصبحت جزءًا من منظومة سّجون الاحتلال الإسرائيلية.