لميس علي:
في كلّ سنة من السنوات القليلة الماضية يتم الحديث عن عودة الدراما السورية، فما الركائز أو المؤشرات التي تدفع للقول بعودتها لسابق عهدها؟
على المتابعٍ أن يتنبّه إلى أنه في أفضل الأحوال لا نستطيع أن نتحدث عن تميّز أكثر من عملين أو ثلاثة خلال كلّ سنة من السنوات الفائتة، إذاً، ما ماهية هذه العودة؟
في الموسم الحالي برز عملان (الزند، النار بالنار)، وفي الموسم الماضي حقق عمل (كسر عضم) و(مع وقف التنفيذ) جماهيرية ملحوظة، وفيما قبل هذين الموسمين كان لمسلسل (على صفيح ساخن) حصة من النجاح، وبالعودة إلى ما قبل هذه الأعمال/المواسم، كان لـ (الهيبة) النصيب الأكبر من المتابعة، وضمن هذه الأعمال جميعها لربما برز عمل أو اثنان، لكن هل هذا الكم من الإنتاجات جدير بتمكين الدراما السورية من العودة إلى أيام حضورها القوية قبل ( 12) عاماً؟، وهل تتوفر لدينا ركائز عودة حقيقية؟
في الأعمال المقدّمة لهذا العام سمات طبعتها، أبرزها ابتعادها عن الصيغة الاجتماعية التي كنا نلحظها بأقلام كتّاب سيناريو، من أمثال: (أمل حنا، حسن سامي يوسف، فادي قوشقجي) الذين عُرفت نصوصهم بمناقشة تفاصيل حياتية مُعاشة، مغرقة بواقعيتها،
العام الحالي لم نلحظ شيئاً من هذا القبيل، والعمل الاجتماعي الأكثر حضوراً هو (خريف عمر)، وفيه قدم الكاتبان (حسام شرباتي ويزن مرتجى) صيغة مقترح بوليسي فيه من التشويق والغموض أكثر من كونه يُعنى بشؤون اجتماعية معاصرة،
ومن سمات الموسم الحالي أن بعض الأقلام بقيت على عادتها بطرح نصوص ضمن نوع (البيئة الشامية) ويبدو أنه النوع الأكثر تعداداً لهذا العام، بالإضافة إلى أن بعضهم انتقل من الاجتماع المعاصر إلى أعمال (البيئة)، مثل الكاتب (علي معين صالح)، الذي قدّم في العام الماضي (كسر عضم) بينما في هذا العام كان له نص (مربى العز) المنتمي لنمط البيئة الشامية، حتى مع ادعاء ذويه تقديمه مقترحاً جديداً ضمن هذه الفئة من الأعمال بقي دون النجاح الذي حققه (كسر عضم) الموسم الماضي، فهل زيادة هذا النوع من الأعمال يمنح قيمة مضافة للدراما السورية ويدعم عودتها لنجاحات شهدتها سابقاً؟
للعودة مقوماتٌ، وأسباب، أولها: امتلاك نصوص/أقلام تحاكي الواقع بجرأتها، وليس آخرها حضور رأس مال قوي، قادر على المغامرة صوب كلّ ما يُحيي البصمة السورية المتميزة بواقعيتها، وليس بهروبها إلى أشلاء «بيئة» الماضي، «بيئة» هائمة ضمن افتراضات تستريح لمنطقة (حدوتة) مسترخية بدورها، لا هي تُقنع، ولا تُمتع.