يمن سليمان عباس:
من المعروف كما يقال: إن كل تطور تقني سلاح ذو حدين.. أول حدّ: إيجابي بما يقدمه للمجتمع من تطور وما يتركه من أثر إيجابي، ولكن ثمة حد آخر سلبيٌ، كما الإيجابي وربما هو الذي يطغى على مشهد الحياة اليومية.
عندما كنا صغاراً كم كانت حكايا الجدات تسحرنا في الصيف أو سهرات الشتاء.. ولكن ما لبثت أن انتهت مع تقنية التلفاز ودخوله كل بيت والانشغال به، ومن ثم أصبح هو المربي والموجه وحلّ محلّ الجد والجدة.
ومع تطوره كقفزات متصاعدة، تطور استلابه لنا وأصبحنا مدمنين عليه لا نعرف كيف نقاومه.
وغير التلفاز ثمة قفزات كثيرة في عالم التقنيات تمثلت الآن في الفضاء الأزرق وما يتركه، فكلّ تقنية جديدة تحمل معها مجتمعها الذي تريده وما يكاد يستقر حتى قفزة جديدة.. وفي كل هذه الحالات المجتمع هو المتغيّر والمتحوّل قد يستطيع الاستفادة جداً مما يجري وهذا ما يجب، وقد لا يحسن وهنا تبدأ ظاهرة الاستلاب للقيم والعادات والتقاليد الأصيلة التي يجب ألا تغيب عنا مع كل ما يجري.
علينا أن نحافظ على إنسانيتنا التي هي أثمن وأغلى ما في الوجود.. ومن عالم الفضاء الأزرق نقتطف قول أحدهم:
عندما جاء التلفزيون إلى بيتي نسيت كيف أقرأ الكتب.
عندما جاءت السيارة إلى باب بيتي نسيت كيف أمشي.
عندما صار عندي موبايل نسيت كيف أكتب رسائل على الورق.
عندما صار عندي كمبيوتر نسيت كيف أهجئ الكلمات.
مع التعامل مع البنك نسيت قيمة المال.
مع رائحة العطر نسيت رائحة الورود.
مع الوجبات الجاهزة نسيت كيف يطبخ الطعام.
مع الركض المتواصل نسيت كيف أتوقف.
وأخيراً عندما صار عندي «واتساب» نسيت كيف أزور أهلي وأصدقائي!).
هل لاحظتم مثلاً كما عبر أيضاً أحدهم أننا في المناسبات لا نقدم حتى على طرق أبواب الجيران ونكتفي برسائل الأزرق ..؟
لقد اختزلنا التفاعل الاجتماعي وغدونا نسخة واحدة.. نرسل الصورة نفسها نعيد توجيه بطاقة المعايدة ألف مرة، وبشكل آلي ويظهر في أعلاها جملة تقول: معاد توجيهها.
ترى هل سيأتي وقت يظهر كم مرة وجهناها ومن فعل ذلك.
في عالم التطور التقني لا شيء مستبعد..وعلينا أن نتوقع كل شيء..
لقد تم استلابنا تقنياً فما العمل للخروج ولو قليلاً منه..؟