الثورة – يمن سليمان عباس:
تمثل الأسطورة عالماً مستقلاً بذاته وهي كما قيل في تفسيرها العلمي محاولة العقل الأول لتحليل الظواهر التي تواجهها..
وبغض النظر عن مدى قدرة الأسطورة على التفسير أو عدمه لكنها محاولة جميلة غدت اليوم صفحة من الماضي..
ولعل الأسطورة اليونانية هي الأكثر انتشاراً وتأخذ المرأة فيها دوراً مهماً.
عن الهيئة العامة السورية للكتاب صدر
وضمن “المشروع الوطني للترجمة” كتاب (الحياة اليومية لليونانيين القدماء)، تأليف: روبرت غارلاند، ترجمة: د. ثائر ديب.
وحسب الكتاب فإن الحياة اليومية لليونان القديمة هي تلك الحياة التي اعتاد فيها الآباء وأد البنين، وكانت فيها المجاعة والمرض أمرين شائعين، ومتوسط العمر المتوقع أعلى بقليل فحسب من نصف المتوسط الحالي، ولم يكن فيها ترياق للألم الجسدي، وطارد فيها الإرهاب والقلق الآفاق العقلية حتى لدى أشد المستنيرين، وبقيت فيها الثقافة حيوية على الصعيد السياسي، على الرغم من كل القوى التي سعت إلى كبتها. وكان ذلك الأمر المعتاد والمكرور الذي يفضي إلينا بالكثير عن محنة الملايين اليوم. ومن بين المنافع التي تنطوي عليها دراسة اليونانيين من هذه الزاوية أنها تساعدنا على وضع مآثر حضارتهم الباهرة في سياقها الصحيح، المعتم والشاحب بعض الشيء. أما النتيجة فتتمثل في أننا نعرفهم ونعرف أنفسنا على نحو أفضل.
ومن الأبحاث المهمة في الكتاب بحث الأسطورة عند اليونانيين ومن ضمن البحث المرأة في الأسطورة اليونانية ويخلص إلى القول:
يكفي تعداد الأساطير التي تحكي عن نساء عنيفات كي نكتشف أن اليونانيين كانوا يرون أن النساء قادرات على ارتكاب أشد العنف وأكثره تطرفاً وما هو ذو دلالة أبعد أن كل أعمال العنف الأنثوية هذه ترتكب استجابة لاستفزاز من طرف الأزواج أو العشاق. وعلى سبيل المثال فإن ميديا التي هي إحدى أشر الشخصيات في الأساطير اليونانية تغدر بكل ما هو عزيز عليها -الأسرة البيت الثقافة- كي تتبع جيسون إلى اليونان فيغدر بها بدوره حين يجد زوجة أنسب تحل محلها إنها امرأة فقدت كامل هويتها ومع ذلك لا نكاد نستطيع أن نتجاهل حقيقة أن النساء في الأسطورة هن كل شيء ما عدا تلك النساء الخجولات المستقيلات الماكثات في البيوت اللواتي يتكلم عليهن ثوكوديدس وثمة ما يقال عن الرأي الذي مفاده أنهن يمثلن نوعاً من جنون الارتياب الذكري حيال قوة النساء الخفية تلك القوة التي توظف في خصوصية المنزل لا في الميدان العام.
علاوة على النساء اللواتي توفر أعمالهن العنيفة تنفيساً عن إحباطاتهن وخيباتهن هنالك أيضاً مجموعة من المخلوقات الشبهات بالساحرات يوجهن تدميرهن ضد الجميع قاطبة. ومن بين هؤلاء الغورغونة ميدوزا التي تحول نظرتها المرعبة الرجال إلى أحجار. والهولة سكيلا نصف المرأة ونصف الكلب التي تعتقل البحارة وتأكلهم أحياء والهولة الزاحفة التي تدعى لاميا وتسرق الأطفال من أهلهم والغري أو (الساحرات الشائبات) اللواتي ولدن عجائز ويتناوبن فيما بينهن عيناً واحدة وسناً واحدة والنساء الطيور المتوحشات اللواتي يدعين هاربيا ويختطفن البشر. وأخيراً الأيرينيات اللواتي يعاقبن المذنبين الذين ارتكبوا جرائم قتل ضمن العائلة.
كتاب (الحياة اليومية لليونانيين القدماء)، تأليف: روبرت غارلاند، ترجمة: د. ثائر ديب، يقع في 488 صفحة من القطع الكبير، صادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2023.