تتحرك الماكينة الدبلوماسية في العديد من دول المنطقة ومحيطها الحيوي في اتجاهات متعددة تهدف معظمها إلى تعزيز الاستقرار والتعاون وإيجاد حلول للأزمات والمشاكل التي تعصف بالعديد من الدول والتي تحاول بعض الدول الغربية توظيفها لتحقيق مصالحها الإقليمية والدولية على حساب شعوب المنطقة وحقوقها.
هذا الحراك الدبلوماسي والسياسي يواصل مساره رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها من الدول الغربية التي تريد تعزيز سيطرتها وهيمنتها على العالم وقطع خطوات مهمة على صعيد التعاون الإقليمي والتعاون العربي تمثلت في التحول الإيجابي الذي حصل في العلاقات السعودية الإيرانية وكذلك في استعادة سورية لعلاقاتها مع العديد من الدول العربية والتي تكللت مؤخراً بافتتاح سفارتها في تونس وتعيين الحكومة التونسية سفيراً لها في دمشق، وكذلك في الحوار السوري السعودي واللقاءات المتبادلة بين المسؤولين بغية تحقيق المصالح الثنائية والعربية، إضافة إلى التطورات الإيجابية في الأزمة اليمنية التي تصب في نهاية المطاف بإنهاء هذه الحرب وإعادة الاستقرار إلى اليمن.
ويندرج في هذا السياق اللقاءات الرباعية الهادفة إلى استعادة العلاقات السورية التركية على قاعدة احترام سيادة واستقرار البلدين ومكافحة الإرهاب وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
من الواضح أن هذا النشاط الدبلوماسي والسياسي ماض في فتح أبواب جديدة تواكب التحولات في الواقع الدولي والدور الذي من الممكن أن تسهم فيه الدول العربية لإنتاج عالم جديد، تشارك فيه القوى الناهضة والتجمعات الإقليمية في صناعة القرار الدولي وإيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والتحديات العالمية والتي تؤثر بشكل كبير في جميع دول العالم.
سورية تلعب دوراً مهماً في هذا الحوار، سواء من حيث التفاعل مع الطروحات الصادقة لحل المشاكل والخلافات فيما بين دول المنطقة والحد من التدخلات الخارجية أو تقديم المبادرات السياسية والدبلوماسية التي تقوم على أساس المصالح المشتركة واحترام سيادة الدول ومبادئ حسن الجوار، وجاءت كل اللقاءات السورية مع دول الخليج وفي الجزائر وتونس ومع مصر تحت هذه العناوين والتي مهدت لأجواء سياسية إيجابية في المنطقة يتم استكمالها وإيصالها إلى أهدافها المنشودة من خلال الحوار المتواصل والمستمر لتعزيز التعاون العربي ثنائياً وجماعياً مع الحفاظ على الثوابت العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي اعتبرها البيان السعودي السوري بعد لقاء وزراء خارجية البلدين في جدة القضية المركزية للعرب.
وعلى المستوى الإقليمي والدولي تواصل سورية جهودها السياسية والدبلوماسية لحل الخلافات التي تؤثر في المصالح العربية والأمن القومي والعربي وأيضاً تتفاعل مع الجهود الروسية بإيجابية لاستعادة العلاقات السورية التركية من خلال اللقاءات الرباعية التي تتم بين مسؤولي كل من سورية وروسيا وإيران وتركيا على أساس ثوابتها الوطنية والقانون الدولي، وعلى الرغم من تأخر صدور مخرجات عن هذه اللقاءات إلا أنها تسهم في تقريب وجهات النظر حول وتفهم طروحات الجانب السوري وخاصة فيما يتعلق بموضوعي انسحاب القوات التركية من سورية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب لما لهما من أهمية في إعادة بناء الثقة بين البلدين واستعادة أوجه التعاون المختلفة.
من المتوقع خلال الأشهر القليلة القادمة أن تنضج هذه الحوارات واللقاءات السياسية لما يحقق الاستقرار الإقليمي ويفتح أبواب التعاون الاقتصادي وتأمين سبل مواجهة التحديات والمشاريع العدوانية، وخاصة من كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل اعتداءاته على سورية وتوظيف الإرهاب والدعم الغربي لتحقيق أهدافه الشريرة.
السابق
التالي