الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
الترجمة نافذة القارئ إلى فكرّ وحضارات شعوب أخرى، والاطلاع على أسلوب حياتها وسلوكها، كان للمترجم الأديب حسين تقي سنبلة وقفة مع سيرة حياة المترجم الراحل “عبد المعين الملوحي” من على منبر رابطة الخريجين الجامعيين في حمص بمحاضرة بعنوان “عبد المعين الملوحي سيبويه العربيّة والترجمة” بحضور نخبة من رواد الرابطة وأعضائها، سنورد بعض ما ورد فيها:
يقول سنبلي: يعتبر سيبويه القرن العشرين، من مواليد حمص، تلقّى تعليمه فيها وفي دمشق، وتخرج من دار المعلمين الابتدائية عام 1941، ودار المعلمين العليا عام 1942، حصل على الإجازة في اللّغة العربيّة من جامعة القاهرة عام 1945، عمل مدرساً في حماة واللاذقية وحمص، ومديراً للمركز الثقافي في حمص، ومديراً للمراكز الثقافية في وزارة الثقافة، ومديراً للتراث العربي، ومستشاراً في القصر الجمهوري، ومدرساً في جامعة بكين، وعضواً مراسلاً لمجمع اللّغة العربيّة بدمشق.
وهو عضو جمعية البحوث والدراسات، وله العديد من المؤلفات والترجمات، ولعلَّ أشهرها (داغستان بلدي).
ويعتبر الراحل أول من ترجم دوستوفسكي إلى اللّغة العربيّة في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وهو من الأعلام المؤثرة في تاريخ الأدب والتحقيق والترجمة في الوطن العربي، استهوته ترجمة الآداب الشرقيّة، لأنّها – كما يقول الملوحي – “أكثر إنسانيّة من الآداب الغربيّة وأكثر منها حباً للحرية ودفاعاً عن الشعوب واستنكاراً للاستعمار، ثمّ إن شعوب الشرق عانت ما عانيناه من ظلم الغرب، احتكرت الدول الغربية الاستعمارية ترجماتنا للغة العربيّة من آدابها: فرنسا وانكلترا على الخصوص، أما أنا فقد كسرت هذا الاحتكار ونقلت الترجمة الأدبية العربيّة إلى آداب الشرق، ويسرني أن أسجل بعض ما ترجمته من الآداب الشرقية: (أوبريت الجنة) من كوريا، (جزءان من الشعر الصيني القديم والحديث)، (أربعة أجزاء من الأدب الفيتنامي شعراً ونثراً في 3 آلاف صفحة)، (جناح جبريل من الأدب الباكستاني للشاعر: محمد إقبال وديوان)، (داغستان بلدي للشاعر الداغستاني رسول حمزتوف)
بدأ الملوحي الترجمة في عام 1945، عندما ترجم (ذكريات حياتي الأدبيّة) لـِ مكسيم غوركي، ثمّ ترجم عدّة أعمال لغوركي منها (المتشردون)، و(مذكرات جاسوس)، و(حدث فوق العادة) وغيرها.
ترجم ما يزيد عن مائة كتاب، وبقيت في أدراج مكتبته عشرات المخطوطات تنتظر النشر.
يقول الملوحي مبيناً السبب: “لأنّ أحوالي المادية لا تساعد على نشر هذه الكتب على نفقتي الخاصة، ودور النشر كما هو معلوم لا تقدم على نشر مجموعات كثيرة.. مثلاً، ترجمتُ الشعر البولوني من أول عصوره وحتى الآن في كتاب يقع في حوالي ألف صفحة، ثم الشعر الهنغاري من أول عصوره حتى الآن في ثمانمائة صفحة، ولم تنشر دور النشر هذين الكتابين لأنهما كبيران والطباعة مكلفة..
يرى الملوحي الترجمة رافداً كبيراُ من روافد العلم والثقافة للأمم والشعوب، مهما كان علم هذه الأمة أو تلك راقياً، ومهما كانت ثقافة هذا الشعب أو ذاك واسعة وليس من الممكن أن يستغني عن الترجمة شعب من الشعوب، وليس لها آثار سلبية إلَّا إذا أثارت غرائز الجنس أو العنف في الإنسان، وتبقى لها آثارها الإيجابية في غير هذا المجال.
يرفض الملوحي الترجمة بتصرف؛ لأنه يرى أن الترجمة الَّتي يتصرف بها المترجم فيزيد وينقص ويحذف ما يريد، ويضيف ما يريد ليست ترجمةً على الإطلاق، وإنما هي كتاب من تأليف المترجم استمد عناصره من غيره.