الثورة – ناصر منذر:
تسود في السودان حالة من الإحباط واليأس نتيجة خرق الهدن السابقة من قبل طرفي النزاع ” الجيش، وقوات الدعم السريع”، حيث أدت المعارك المتواصلة منذ 15 نيسان الماضي إلى مقتل وجرح آلاف المدنيين، ونزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا إلى دول مجاورة وفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فضلا عن حدوث كارثة إنسانية تهدد حياة الكثيرين وبشكل خاص الأطفال.
وبهدف وصول المساعدات الإنسانية، وافق طرفا النزاع على هدنة جديدة قصيرة، بدأت صباح اليوم، ولمدة 24 ساعة لإيقاف العمليات القتالية والاشتباكات الحاصلة، وفق ما أعلنته الوساطة السعودية-الأميركية، فيما أكد الأمين العام للأمم المتحدة تمسّكه بمبعوثه إلى السودان على رغم إعلان الحكومة أنه بات شخصا غير مرغوب فيه.
وجاء الإعلان عن الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي أمريكي، أعرب فيه الطرفان اللذين يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة.
وكالة الأنباء السودانية سونا، ذكرت اليوم أن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وافقت أمس على مقترح الهدنة لمدة 24 ساعة، تبدأ اعتباراً من الساعة السادسة من صباح اليوم السبت بالتوقيت المحلي.
وجاء في بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن موافقتها على الهدنة تأتي مراعاة للجوانب الإنسانية التي يعانيها الشعب السوداني جراء العمليات القتالية الجارية.
وأكدت قيادة القوات السودانية في بيانها التزامها بالهدنة، مع احتفاظها بحق التعامل مع أي خروقات قد يرتكبها الآخرون خلال الهدنة.
كذلك تعهدت قوات الدعم السريع بالالتزام التام باتفاق وقف النار “بما يخدم أغراض الهدنة.
وكما سابقاتها، تهدف الهدنة الجديدة بشكل أساسي إلى تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المقدر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات في بلد كان أصلا من الأكثر فقرا في العالم قبل النزاع الراهن. فيما شكك مراقبون في أن تكون هذه الهدنة أفضل من غيرها، خصوصا وأن ظروف النزاع لم تتبدل.
فالهدنة بحسب سكان العاصمة الخرطوم -التي تتركز فيها الاشتباكات- لم تلب طموحاتهم، حيث أعرب العديد منهم عن أملهم بإنهاء شامل للحرب المعلنة بين طرفي النزاع، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب )، والتي أشارت إلى أن الوضع الميداني في الخرطوم كان هادئا.
وزارة الخارجية السعودية قالت في بيان أمس الجمعة، إن الرياض وواشنطن “تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة، وعليه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة”.
وأعلن الوسيطان الأسبوع الماضي تعليق المباحثات، لكنهما حضّا طرفي النزاع على إبرام اتفاق جديد، وأكدا بقاء ممثلي الجانبين في جدة على رغم تعليق المفاوضات المباشرة.
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أشار بدوره إلى أن اعتبار الحكومة السودانية موفد المنظمة الدولية شخصاً “غير مرغوب فيه” لا يمكن تطبيقه”، لافتاً إلى أن صفة الألماني فولكر بيرتس “لم تتبدل”. وذلك على خلفية اعتبار الحكومة السودانية أن الموفد الدولي قد انحاز إلى أطراف سياسية محددة.
وبسبب تداعيات المعارك على الأوضاع الصحية والمعيشية في السودان، تكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني، خصوصاً في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) حيث المعارك على أشدها.
وحذر رئيس بعثة الصليب الأحمر المنتهية ولايته ألفونسو فردو بيريز من أن الوضع الصحي “قابل للانهيار في أي وقت” على رغم الجهود المبذولة.
وأضاف لصحافيين في جنيف وفق ما ذكرته وسائل الإعلام: “في الخرطوم تقديرنا هو أن 20 في المئة من المنشآت الصحية لا تزال تعمل. لكن تواجه نقصاً حاداً في المياه والكهرباء والغذاء، مشيرا إلى أن المواد الطبية الأساسية بدأت تنفد”.
ولفت إلى أن الوضع الصحي “حرج أيضاً في عديد من مناطق دارفور”، الإقليم الذي شهد نزاعاً دامياً على مدى عقدين.
ووفق تأكيد مصادر طبية، فقد باتت 75 في المئة من المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.
هذا وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن 25 مليوناً من أصل 45 مليون نسمة عدد سكان في البلاد يحتاجون إلى مساعدات.
التالي