الثورة:
من خلال تحديد الجينات في المرضى واختبار تأثيرها على ذباب الفاكهة، وجد باحثون جينات جديدة تساهم في متلازمة القلب الأيسر الناقص التنسج (HLHS)؛ وهو مرض قلبي نادر يهدد الحياة ويحدث عند الرضع.
النتائج تقرب العلماء خطوة واحدة من كشف بيولوجيا هذا المرض المعقد، حسب ما يقول المؤلف مدير مركز الاضطرابات الوراثية وأبحاث الشيخوخة بسانفورد «كل حالة من حالات HLHS فريدة من نوعها نظرًا لوجود العديد من الأشياء المختلفة التي يمكن أن تسوء أثناء التطور المبكر للقلب، إذا تمكنا من الكشف عن سبب هذا المرض بيولوجيًا، فقد يكون من الممكن يومًا ما منعه أو تقليل مضاعفاته للأشخاص الذين يتعايشون معه».
وفي الأطفال المصابين بـ HLHS، يكون الجانب الأيسر من القلب (البطين الأيسر) متخلفًا وغير قادر على ضخ الدم المؤكسج إلى باقي الجسم.
وفي هذا الاطار، تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن حوالى 1.025 طفلًا في الولايات المتحدة يولدون مصابين بـ HLHS، ما يمثل حوالى 2-4 % من جميع عيوب القلب الخلقية.
وعلى الرغم من ندرته، إلا أن HLHS خطير للغاية؛ فهو دائمًا ما يكون قاتلًا بدون جراحات القلب المفتوح المتعددة.
يُعتقد أن علم الوراثة هو المحرك الرئيسي لـ HLHS. لكن الجينات المحددة المعنية ظلت لغزا.
وللبحث عن الجينات التي تساهم في HLHS، قام الباحثون بتسلسل الجينوم لـ 183 شخصًا مصابًا بـ HLHS ووالديهم، بما في ذلك عائلة كان الوالدان مرتبطين جينيًا ببعضهما البعض. حيث ساعد التركيز على هذه العائلة الباحثين على تضييق نطاق بحثهم إلى عدد قليل من الجينات الرئيسية.
حيث نرث نوعين مختلفين من كل جين؛ واحد من كل والد، إذا نقل كلا الوالدين متغيرًا جينيًا يمكن أن يسبب مشاكل، فإن تأثير هذا المتغير الجيني يكون بارزًا في الطفل. وبسبب هذا التأثير، أعطتنا هذه العائلة فرصة فريدة للبحث عن جينات جديدة تقود HLHS والتي قد لا تكون ظاهرة في العائلات الأخرى.
ولاختبار ما إذا كانت الجينات التي حددوها يمكن أن تسهم في HLHS، أجرى الباحثون تجارب جينية على قلوب ذبابة الفاكهة التي تم إنشاؤها باستخدام جينات مماثلة لتلك الموجودة في قلوب البشر. فوجدوا أن منع نشاط هذه الجينات في الذباب يتعارض مع قدرة القلب على الانقباض، ما يؤدي إلى عيوب كبيرة في القلب.
بينما ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لاستكشاف كيف تؤدي هذه الجينات إلى عيوب في القلب بدقة، فإن إحدى الفرضيات هي أنه نظرًا لأن بعض المتغيرات الجينية تجعل من الصعب على القلب الانقباض، فلا يمكن للدم التدفق بسهولة إلى الجانب الأيسر منه، ما يضر بتكوينها الصحيح، هذا يمكن أن يؤدي إلى أنواع الشذوذ التي شوهدت في HLHS.
وفي الوقت الذي حدد فيه الباحثون الجينات التي يمكن أن تسهم في HLHS، إلا أنهم حذروا من أنه من غير المحتمل أن نجد جينًا واحدًا متورطًا في المرض بجميع الحالات.
خلاصة القول إن HLHS مدفوع بالعديد من العوامل الوراثية والبيئية. لكن كلما تمكنا من إلقاء الضوء على هذه العوامل كانت لدينا فرصة أفضل لإيجاد طرق جديدة للوقاية منه وعلاجه؛ فعلى سبيل المثال، قد يكون من الممكن أن تكون زيادة نشاط أحد هذه الجينات كافية لتقوية القلب وتقليل مخاطر الإصابة بمضاعفاته لدى الناجين.