بين اللغة والناس…

الثورة:ديب علي حسن .

بداية لابد من القول إن هذا العنوان من دراسة مهمة للأستاذ الدكتور مازن المبارك عضو مجمع اللغة العربية بدمشق نشرها في مجلة المجمع عدد حزيران ٢٠٢٢م.. وقبل الوقوف عند خطوطها العريضة لابد من القول :
إنه من الطّبيعي كون الّلغة كائناً حياً يحيا بحياة المتكلمَّ ويموت بموته أن تتأثرَ بما يتأثر به الإنسان ولاسيّما العوامل الاجتماعيّة ,وما يتبعها.. فكلّ تطور يحصل في المجتمع والثّقافة والاقتصاد يرن صداه في الّلغة كما يقول الوافي ص ١٣
واللغة العربيّة ,أصدقُ شاهدٍ على ما نقول فقد كان لانتقال العرب من الجاهليّة إلى الإسلام أثرٌ في نهضة الّلغة ورقيّها ..
وانتقال الأمّة من البداوة إلى الحضارة يهذّب لغتها ويزيل ما بها من خشونةٍ ويكسبها مرونةً في التّعبير والدّلالة ..
وأصدق مثال ما قاله عليّ بن الجهم في المديح حين كان في البداية , إذ مدح أحد الخلفاء بقوله :
أنت كالكلب في حفاظك للعهد وكالتّيس في قراع الخطوب ..
وبعد أن تهذّبت قريحته قال :
عيون المها بين الرّصافة والجسر …جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ..
طبعاً, معروفة الحكاية مع الخليفة الذي قال لمن سمع بيته الأوّل إنها البادية ثم أرسله للحضر فرقّ, وشفّت لغته فكانت قصيدته عيون المها.
ويضيف الوافي :
وما يدور في المجتمع من نشاط اقتصاديّ يطبع اللغة بطابع خاص في مفرداتها ومعانيها وأساليبها وتراكيبها وقد تؤثر هذه المظاهر في أصوات الّلغة نفسها ويؤدي نوع العمل الذي يزاوله سكّان منطقة ما إلى تشكيل أعضاء نطقهم  في صورة خاصة تتأثر بها مخارج الحروف ونبرات الألفاظ ومناهج التّطور الصوتي  ص ١٤
والّلغة مرآة ينعكس فيها كذلك ما يسير عليه الناطقون بها في شؤونهم الاجتماعيّة العامّة .
فعقائد الأمّة, وتقاليدها وما تخضع له من مبادىء في نواحي الّسياسة والتّشريع والقضاء والأخلاق والتربيّة وحياة الأسرة  وميلها إلى الحرب أو جنوحها للسلم وما تعتنقه من نظم بصدد الموسيقى والنحت والرسم والّتصوير والعمارة وسائر أنواع الفنون الجميلة ..كلّ ذلك يصبغ الّلغة بصبغة خاصة في جميع مظاهرها في الأصوات والمفردات والدّلالة والقواعد والأساليب..
وما يكون عليه الأفراد من حشمة وأدب في شؤونهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض ينبعث كذلك صداه في لغتهم ,ألفاظها وتراكيبها..
ويتطوّر مدلول الكلمة (ص٢٠ ) في لغة ما تبعاً لتطور الشّؤون الاجتماعيّة فكلّ تطور من هذا القبيل يتجه بمدلول الكلمة وجهةً خاصة وينحرف به قليلاً أو كثيراً ..ومثال على ذلك من اللغة العربيّة :كلمة قطار مثلاً كانت تطلق في الأصل على عدد من الإبل على نسق واحد تستخدم في السّفر وفي النّقل وتغّير الآن معناها تبعاً لتطور وسائل  المواصلات ..
وكلمة: بريد كانت تطلق على الدابّة التي تحمل عليها الّرسائل ثم تغيّر الآن مدلولها تبعاً لتطور الطّرق المستخدمة في إيصال الرّسائل…
وكلمة: ريشة أيضاً اختلف مدلولها من الكتابة إلى الرّسم
بالعودة إلى ما قاله الدكتور المبارك فهو يرى
(أن بين المتكلم وكلامه صلة لا تخفى فقد تدل لغته على عقله وفكره وقد تدل على نزعاته النفسية او العاطفية وقد تدل على ثقافته……
وكثيرا ما قالوا :تكلم حتى أراك وقالوا:الأسلوب هو الرجل وقالوا غير ذلك ليعبروا عن كون اللغة مرآة لصاحبها وكون الصفحة التي تكتبها او القصيدة التي تنظمها تنطق عنك. وقد شاع هذا واشتهر حتى عرفنا في تراثنا النقدي نقادا يعرفون صاحب القصيدة من أسلوبها ينسبون البيت إلى قائله حين يسمعونه او يردون نسبته مستدلين بلغة البيت وأسلوب نظمه، وكان الواحد منهم جوهريا او صيرفيا يعرف الصحيح من العليل والأصل من المزور.
وكان هذا يوم كان العرب عربا وكانت اللغة سليقة وعلما وأتى على هذه اللغة حين من الدهر كانت للعلماء فيها أقوال وأحكام يطلقونها على اللغة او على كلمة منها.
عرفنا ذلك في كتب اللغة والنقد وكتب الخلاف النحوي وفي المعجمات، وكان أكثر ذلك منسوبا إلى قائليه مصحوبا بحججه وأدلته ويندر عندهم ان نجد استشهادا بالعلم منسوبا إلى غير أهله.. وإذا برز من عرف بعلم من العلوم في غير علمه أصبح علما نبهوا على مكانته ووثقوه واحتجوا به كما كان الأمر مع الإمام الشافعي، فلقد اشتهر الرجل بالإمامة في الفقه وأصوله وغلب ذلك عليه حتى أصبح صاحب مذهب ملأ الدنيا اتباعه، ولكنه كان إلى ذلك حجة عند اللغويين ينقلون عنه ويحتجون به وكان من ائمة اللغويين وأعلام الرواة من يفتخر بأنه تخرج بالشافعي.
وكذلك كان الإمام النووي صاحب كتاب تهذيب الأسماء واللغات ممن عرفوا بثقافة لغوية متميزة. وعرفنا في هذا العصر من أتقن العربية وعلومها ودرسها من الشيوخ الأعلام في الشريعة وعلومها، عرفنا ذلك في الشام ومصر وتونس والمغرب وفي موريتانيا وغيرها..

آخر الأخبار
الشيباني يبحث هاتفياً مع كالاس تفعيل خطط التعافي المبكر وإعادة الإعمار  أردوغان: ضرورة دعم وحدة أراضي سوريا  تأهيل 9 آبار مياه  لتلبية احتياجات أهالي معضمية الشام  أهالي جديدة الفضل يشتكون من إزعاجات الدراجات النارية  سعر جديد مخفض لأسطوانة الغاز قريباً  خبرات سويسرا التربوية إلى سوريا   News Week : إيران توقع اتفاقية دفاعية مع روسيا وسط تصاعد التوترات النووية مع الولايات المتحدة  رويترز": واشنطن بصدد تعيين سفيرها لدى تركيا مبعوثاً خاصاً إلى سوريا  إعادة تكوين السجلات العقارية في زملكا  مدير المصالح العقارية لـ " الثورة ": الحقوق والملكيات مصانة  شهية المستثمرين " مفتوحة بالكامل على حسياء الصناعية  90 طلباً استثمارياً جديداً عرباً وأجانب     الأطفال والقدرة على مواجهة الحياة   تطوير مهارات التفكير والتحريض على التحليل    البابا ليو الرابع عشر يدعو لضرورة إدخال المساعدات الإنسانية لغزة  كيف نربي أطفالاً ناجحين ...؟ المرشدة سعيد ل " الثورة ": الحوار والتفكير الناقد     ترحيب دولي واسع برفع العقوبات : بداية لإعادة الإعمار وتعزيز الأمن "الفرات والميادين" لاستلام محصول القمح في دير الزور توعية من مخلفات الحرب بجامعة الفرات خبير اقتصادي لـ"الثورة": رفع العقوبات يُحسّن الوضع المعيشي  1200 سيارة حمولة باخرة ثالثة إلى مرفأ طرطوس 250 ماعون ورق من مؤسسة "بركة" لتربية حماة "سوق ساروجة" شاهد على نشاط عمراني عاشته دمشق