الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
الأدب الساخر من أجمل الفنون الأدبية، الذي لا يتقنه إلا كل ذو حسّ كوميدي، لكن هدفها ليس الإضحاك فقط، وإنما تسليط الضوء على بعض هفوات البشر ومحاولة تصويب بعد السلوك الاجتماعي بدعابة جميلة، هذا ما رمى إليه الأديب الدكتور محمد عامر مارديني في مجموعته القصصية الساخرة بعنوان “أسلاك شائقة” ، قام الروائي والناقد السينمائي عماد نداف بتقديم قراءة نقدية للمجموعة القصصية “أسلاك شائقة”على منبر رابطة الخريجين الجامعين في حمص بالتعاون مع جمعية العاديات بحمص من خلال حفل توقيع للمجموعة القصصية بحضور نخبة من المثقفين من أعضاء الرابطة وروادها.
أشار “نداف” إلى أننا جادون في سورية في التعرف على أدبنا الساخر الذي قدم كتابات فذة على هذا الصعيد، فلا أحد لا يعرف عصبة الكتاب الساخرين التي اقترح تشكيلها سعيد الجزائري على عبد الغني العطري وقد شكلت هذه العصبة في اجتماعها الأول، وزارة لإدارة شؤون البلاد، عبد السلام العجيلي رئيساً لها بينما عين العطري وزيراً للزراعة، وحسيب كيالي وزيراً للاقتصاد، وقد كتب العطري أن سبب تعيينه عائد لاهتمامه بـ”مسكبة” صغيرة في قرية الحرجلة خارج دمشق.
أي أن السخرية انطلقت في تجربة عصبة الساخرين من بوابة النقد السياسي..
وأضاف نداف: ثمة أناقة في الكتابة الساخرة لدى محمد عامر مارديني وهي تجربة هامة لأنها معاصرة، تعتمد تجربة مارديني على مشاهداته وتجربته في الحياة، فشكل عينا ناقدة قوية ثاقبة دون أن يتحرش بالسلطات فيغضبها، ومن دون أن يداهن فيغضب هويته ككاتب ومسؤول ذي سمعة حسنة.
صدرت مجموعته “حموضة معدة” عام 2019، بعد أقل من سنة على مغادرته موقعه كوزير للتعليم العالي، ثم أصدر مجموعة قصصية بعنوان ” قصص شبه منحرفة”، تناول فيها شيئا من سيرته الذاتية، كان شعاره: أنا لا أكتب ليضحك من قصدت الإشارة بسخرية من فعلته، بل ليبكي.
ليشير إلى أنه يتحدث بلسان عامة الناس، وإنه يصور المجتمع بحلوه ومرّه، صوراً تعكس عقابيل الحرب المجنونة التي عشناها عشرة أعوام، وصوراً من حالنا مع الكورونا اللعينة وصوراً أخرى، تناولت الحال المعاشية، متناولاً بالنقد العديد من القضايا الاجتماعية والثقافية وغيرها.
وأضاف: نشر الدكتور المارديني مجموعات أخرى من بينها: مقصات ناعمة، قصص شبه منحرفة، وأخيراً أشواك شائقة، وفي هذه المجموعة تعبر نصوصه الساخرة عن هوية كاتب يحاول التأصل في هذا الفن الذي يعتبر من أصعب أنواع الكتابة لحاجته لقدرات خاصة، ورؤية ثاقبة تستطيع إيصال الفكرة بأسلوب ساخرة.
وأشار نداف لقيامه بقراءة كل مجموعات المارديني، فلفته فيها تلك الأفكار السحرية القادرة على إنتاج فن درامي جاذب، ومن أهم مفاتيح السخرية المضحكة والمبكية معا في الدراما التلفزيونية، وبأنه جريء إلى حد الحذر، وعميق حدّ اكتشاف السر، وشفيف إلى حدّ تمكن القارئ من التعرف على أعماق نصه.
وفي نهاية الحفل قام المارديني بقراءة عدة قصص من مجموعته بأسلوبه الساخر المحبب، ثم وقع مجموعته القصصية قبل توزيعها على كافة الحضور.
وأخيراً: الأديب الدكتور محمد عامر المارديني من مواليد دمشق 1959، حاصل على إجازة في الصيدلة والكيمياء من جامعة دمشق 1982، ودكتوراه في الصيدلة من جامعة همبولدت ألمانيا 1988، شغل العديد من المناصب أبرزها رئيس لجامعة دمشق 2011-2014 وزير التعليم العالي بين 2014-2016 مدير البرامج الأكاديمية في هيئة التميز والإبداع 2016-2018 ..
