تقيم مؤسسة ثقافية خاصة ندوة حول منقب الآثار العراقي (هرمز درسام) أو (هرمزذ رسام) فيشكر أحد المنتدين المؤسسة لاستذكارها شخصية مهمة طواها النسيان ولم يذكرها التاريخ.
وبالمقابل يدخل المهتم على شبكة الأنترنت بحثاً عن (هرمز درسام) الذي طواه النسيان ولم يذكره التاريخ. فيجد أمامه قائمة تكاد لا تنتهي من النصوص التي تحدثت عنه بذاته، لا بمعرض الحديث عن موضوع آخر، إضافة إلى مجموعة من الصور الشخصية في مناسبات مختلفة بالملابس العراقية التقليدية، وبالملابس الإنكليزية – التقليدية أيضاً – . فلماذا هذا الادعاء بالتجاهل؟ ومن هو هرمزذ رسام؟
الادعاء قد يكون سببه حرص بعض القريبين من الوسط الثقافي على إنكار جهد سواهم وإظهار أنفسهم كرواد وفاتحين. كحال الذي يبدأ حديثه في ندوة بالقول :إنه كان يتوقع من الحضور سؤالاً لم يسأله أي منهم. وحين يذكر السؤال ينكشف السر، وأن أحداً غير المتنطع المدعي لم يكن ليسأل سؤالاً ساذجاً أو تافهاً، أو حتى أحمق، كسؤاله.
أما السؤال الثاني: فتجيب عليه الـ (ويكيبيديا) بالقول: هرمز درسام (1826 – 1910) كان عالماً للآشوريات ومؤلفاً. اشتهر باكتشافه اللوحات الأثرية الطينية التي احتوت على ملحمة جلجامش، أقدم الأدب البارز في العالم. يُعتقد على نطاق واسع أنه أول عالم آثار شرق أوسطي وآشوري معروف من الإمبراطورية العثمانية. هاجر إلى المملكة المتحدة ، حيث تم تجنيسه كمواطن بريطاني ، واستقر في برايتون مثل الحكومة البريطانية كدبلوماسي. من عام 1877 إلى عام 1882 ، أثناء قيامه بأربع رحلات استكشافية نيابة عن المتحف البريطاني، قام رسام ببعض الاكتشافات المهمة. تمّ نقل الأصل إلى المتحف البريطاني.
في سن العشرين عام 1846 ، عين عالم الآثار البريطاني أوستن هنري لايارد رسام كمدير رواتب في موقع تنقيب آشوري قريب. أعجب لايارد ، الذي كان في الموصل في رحلته الأولى (1845-1847) ، برسام المجتهد وأخذه تحت جناحه. سيبقون أصدقاء مدى الحياة. قدم لايارد فرصة لرسام للسفر إلى إنجلترا والدراسة في كلية ماجدالين ، أكسفورد. درس هناك لمدة 18 شهراً قبل أن يرافق لايارد في رحلته الثانية إلى العراق (1849-1851).
وبعيداً عن السرد الملطف، يمكن تقديم هرمزذ رسام بصورة أصدق من خلال تقاطع المعلومات المنشورة عنه. فيصبح الوصف:
هرمز درسام منقبٌ في الآثار من سكان المنطقة قام عام 1886 بتهريب عدة ثيران مجنحة اشورية عن طريق نهر دجلة بواسطة قوارب تسمى (الكلك) إلى شط العرب حيث نقلتها السفن البريطانية من هناك الى بريطانيا. وكذلك الكثير من الأثار ابرزها (اسطوانة رسام) التي سُميت على اسمه، وهي سجل على شكل اسطوانة من عشرة أضلاع يعود تاريخها الى عام 643 ق. م . وهي الأكثر اكتمالاً من سجلات آشوربانيبال. وموجودة حالياً في المتحف البريطاني. عمل منذ فتوته مع الكثير من الآثاريين الذين زاروا الموصل ونقبوا فيها. و عمل مع بعثتين متناقضتين في آن واحد، نهاراً مع المنقب الفرنسي بوتا وليلاً مع المنقب البريطاني السير هنري لايارد. لكنه اشتهر بالعمل مع الأخير الذي كان متعاقداً مع المتحف البريطاني، وفي حصيلة أولى انه ارسل مئة واربعة وثلاثين الف قطعة بين أثر ورقيم طيني الى ذلك المتحف وتمت مكافأته بمنحه الجنسية البريطانية، وتكليفه بعدة مهمات دبلوماسية في القرن الأفريقي والشرق الأوسط.
ان من أهم اسباب عدم شهرة رسام كآثاري ومنقب هي لم يكن اكاديمياً وانما كان منقباً بالفطرة، وقد اكتسب خبرته بالتجربة فضلاً عن ذلك انه لم يؤسس للعراق متحفاً او صرحاً او حتى زاوية تحفظ بعض هذه الآثار المهمة، وانما كان يرسل كل ما يجمعه الى المتحف البريطاني، وفي حصيلة أولى انه ارسل مئة واربعة وثلاثون الف قطعة بين أثر ورقيم طيني الى ذلك المتحف، والسبب الآخر انه لم يكتب شيئاً عما اكتشفه.