الثورة – ياسر حمزة:
مع بداية العام الدراسي 2022 – 2023 ألغت الكثير من المدارس الاوروبية والأمريكية الكتابة باليد، زاعمين أن عصرها قد انتهى، وأن استمرار تعليمها للأطفال جنباً إلى جنب مع الكتابة الإلكترونية أمرٌ عبثي.
ورأوا أن امتلاك المدارس للتكنولوجيا الحديثة منذ البداية أهم وأجدى، بحيث لا يضطَرّ الطفل إلى الإمساك بالقلم، ولايُصاب بالارتباك بين الطريقتين.
والأسباب التي استندوا إليها هي: ما الفائدة بعد اليوم من الكتابة باليد وقد غزت الحواسيب صفوف المدارس، حيث يمضي التلاميذ وقتاً أطول في إرسال “الإيميلات” من ذلك الذي يقضونه في كتابة رسائلهم باليد؟ فالكتابة على لوحة المفاتيح الإلكترونية، صارت الوسيلة الأسهل بالنسبة للأجيال الناشئة، بينما تحولت الكتابة اليدوية، سواء بحروف متصلة أو منفصلة، إلى عمل شاق وغير مرغوب فيه.
مؤخرًا أُجريت أبحاث كثيرة قام بها علماء نفس وسلوك واجتماع وأطباء من تخصصات عدة ,للإجابة عن السؤال: هل من الحتمي أن نعرف الكتابة باليد كي نتعلم القراءة؟ وهل الضرب على لوحة المفاتيح يترك أثراُ ذهنياُ يمكن أن ينشط موضع القراءة بالمخ كما تفعل الكتابة بخط اليد؟
ولهذه الغاية، ابتكر العلماء تجربة جديدة طبقوها على 76 طفلاً من مدرسة الحضانة بعد أن قدروا كفاءاتهم في القراءة وفي الكتابة، ووضعوهم في مجموعتين، إحداهما يجب عليها أن تتعلم الحروف من خلال كتابتها باليد، والأخرى من خلال كتابتها بواسطة لوحة المفاتيح.
وبعد ذلك بأربعة أسابيع، أعاد العلماء تقييم الأداءات في القراءة، فكانت “الحروف التي تعلمها الأطفال باليد مميّزة بشكل أوضح من تلك التي تعلموها بالضرب على لوحة المفاتيح”.
ولما أراد العلماء تفسيراً علمياً فسيولوجياُ، صوّروا أدمغة هؤلاء الأطفال أثناء التجربة بالرنين المغناطيسي، فتبين أن مناطق الكتابة الحركية بالمخ هي التي تنشط عند رؤية الحروف المكتوبة باليد.
لذا قالوا إذا لم يتعلم الطفل الكتابة باليد فلن يمكنه استخدام ذاكرته الحسية الحركية بخصوص الحروف، ومن شأن ذلك أن يبطئ بشكل مؤكد من قدرات تمييزه للحروف، وعندئذ يمكننا أن نتصور أنه سيواجه صعوبات أثناء قراءة بضع كلمات فضلاً عن التعامل مع صفحات نصية كاملة.
ومؤخراً ظهرت تقارير كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية تنادي بإلغاء فكرة قصر تعليم الكتابة على تعليم لوحة المفاتيح الإلكترونية، لأن فرط استخدام لوحة الأزرار الإلكترونية يجعل الطفل غير قادر حتى على مجرد التوقيع باسمه، وأن الطفل الذي لايكتب بيده يجد صعوبة حقيقية في قراءة خط اليد، وتصبح الكلمات أمام عينيه مثل الطلاسم التي يُجاهِد لحَلِّها.

السابق