يمن سليمان عباس
ينشغل الكثيرون في معظم المجتمعات بسؤال مهم : لماذا تدنى مستوى التعليم ولماذا لا يذهب الطلاب إلى المدارس والجامعات برغبة ولهفة ؟
وربما نسأل نحن أيضا: لماذا انتشرت الدروس الخصوصية بشكل كبير ..
نظن أن وضع المعلم أو المدرس هو السبب ولكن ليس الأمر كذلك ..
ثمة مراكز دراسات مهتمة بحال التعليم في العالم وكذلك الثقافة توقفت عند هذه الأسئلة التي يجيب عنها كتاب حوار وشراكة الحضارات تأليف وإخراج يوري يكوفيتس وسهيل فرح وقد صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ترجمه إلى العربية الدكتور نواف القنطار
يرى الباحثان أنه منذ نهاية القرن العشرين وعلى أعتاب القرن الحادي والعشرين بدأت تتضح معالم أزمة عالمية في نظام التعليم كأحد مكونات الأزمة الحضارية فما هي هذه المؤشرات.؟
١_يفقد التعليم طابعه الريادي بينما يجب أن يكون لكل من التعليم العام والمهني طبيعة استباقية وأن يوفر أساسا للحياة والعمل لمدة لا تقل عن ثلاثة عقود قادمة
وهي فترة نشاط جيل بأكمله مع التجديد المستمر والتحذيث الدوري لمخزون المعرفة، غير أن محتوى مجموعة المعارف الحديثة التي تم نقلها إلى الجيل الجديد تكون قد أصبحت قديمة ويكون النموذج العلمي الصناعي قد فقد إمكاناته الإبداعية والتنبؤية إلى حد كبير وسيتعين على الجيل الجديد أن يعيش ويعمل في طروف نشوء حضارة متكاملة ونموذج علمي ما بعد الصناعي ويجد نفسه غير مسلح في مواجهة المواقف الحرجة غير المتوقعة التي تحيط به من جميع الجهات وعليه ان يتعلم من جديد على عجل عن طريق التجربة والخطأ وهو امر مكلف للغاية لكل من العمال والمجتمع.
٢_يخضع نظام التعليم ذو الطابع التجاري المفرط لمتطلبات وقوانين السوق وهذا يتناقض مع جوهر العملية التعليمية باعتبارها الشكل الرئيسي لنقل المعرفة إلى الأجيال القادمة على أساس الاقتصاد غير السوقي والوظيفة الاجتماعية والتعليمية للدولة فمن ناحية أدى انتشار المبادىء التجارية في نظام التعليم في روسيا إلى انخفاض جودة التعليم سعيا وراء الربح وتشكيل سوق شهادات من دون تعليم منهجي ومن ناحية أخرى أدى توفير الخدمات المدفوعة إلى تقليل فرص الأسر ذات الدخل المنخفض في الوصول إلى التعليم المهني العالي.
٣_فقدان الطبيعة الإبداعية والابتكارية للتعليم على الصعيدين العام والمهني على حد سواء ويتم تسهيل ذلك من خلال توحيد النظم التعليمية ونظام الاختبار الامتحاني الذي يركز على حفظ المعلومات سريعة التقادم وليس على الإبداع وتنمية القدرات والمواهب الفردية لكل طالب (وجميعها مميزة وفريدة من نوعها) ونتيجة لذلك تجري إعاقة الطابع الفردي المميز لكل شخص وتثبيطه إلى حد كبير ولذلك من الضروري العودة إلى التنوع الإبداعي الخلاق في الأساليب والطرق التربوية التي تكشف عن تميز كل فرد على الرغم من أن هذا ليس سهلا بالنظر إلى الخصائص التعليمية والشعوب والمجموعات العراقية والثقافات المختلفة.
نعم لأن التعليم غدا سلعة تجارية ثمة سباق للحصول على الألقاب التي تدر ربحا ولهذا نرى المزيد من التخصصات التي يقبل عليها الطلبة فقط لأنها تدر ربحا ماليا .
ويرى الباحثان أنه لابد من استعادة العمق الفعلي للتعليم وكذلك جمالياته وهذا يتطلب نشاطا عالميا وليس دور دولة أو مجتمع بمفرده .