بعد سوء توزيع الشبكة التأمينية وعدم وجود أطباء متخصصين ومتعاقدين..مدير هيئة الإشراف على التأمين لـ «الثورة»: إعداد صك تشريعي تحت مسمى «المسؤولية المهنية»
الثورة- وعد ديب:
ما إن دخلت إلى إحدى العيادات الطبية حتى سمعت مشاجرة كلامية بين الطبيب وإحدى المراجعات ممن يمتلكن بطاقة تأمين صحي، فالأخيرة لاترضى بدفع مبلغ الـ 5000 ليرة، علماً أنه يجب أن تكون 4000 ليرة كنسبة تحمل من البطاقة من أصل معاينة الدكتورالبالغة 25ألف ليرة وتبرير المريضة أن نسبة التحمل من زيارة الطبيب 0% وهذا يعني عدم دفع أي مبلغ لقاء المعاينة، رغم محاولة الطبيب إقناعها بأن النسب زادت وتغيرت خلال هذا العام وأن النسب الموجودة على البطاقة يجب تغييرها.
معاناة مستمرة
هذه المعاناة لاتنتهي عند الطبيب بل تمتد للصيادلة والمشافي، وهي في الوقت ذاته معاناة مقدمي الخدمات الطبية أيضاً بعدم وجود متابعة تأمينية من قبل المؤمن عليهم، هذا من جهة أما من الجهة الأخرى فاشتكى بعض المرضى من المتعاقدين بالتأمين الصحي بأن هنالك أطباء يتقاضون أجور المعاينة كاملة بحجة عدم وجود شبكة إنترنت لمعرفة إذا كان المريض يحق له استخدام البطاقة أو لا.. ومطالبة المريض بالعودة لاسترداد جزء من المبلغ في حال ورود رسالة إليه بالموافقة على مطالبته على حسب قول هؤلاء وبالتالي تحمل أعباء بعد المسافات عن عيادات الأطباء وكأن الأمر أشبه بالتعجيز.
ناهيك عن سوء توزيع الشبكة التأمينية وعدم تواجد أطباء متخصصين متعاقدين مع التأمين وغير ذلك، وبالمقابل تقول شركات التأمين إنها نجحت في تطبيق عقود تأمين مع مؤسسات الدولة وغيرها من المؤسسات الخاصة والأفراد.
ولاأحد ينكر بأن قوانين وأنظمة التأمين الصحي جيدة، ولكن من يطلع على التطبيق على أرض الواقع يراه دون المأمول، فهناك معاناة حقيقية لمستخدمي التأمين الصحي ليس أولها التغطيات التأمينية التي هي دون المستوى وليس آخرها الوصفات والتحاليل التي تأتي بأغلبها بالرفض.
الإبقاء على قسط التأمين
تلك التساؤلات وغيرها أجاب عنها الدكتور رافد محمد مدير عام هيئة الإشراف على التأمين حيث قال :عملت الهيئة مؤخراً على تدارك عدد كبيرمن هذه النقاط وبناء عليه واعتباراً من 1/3/2023 تم إعادة هيكلة وثيقة التأمين الصحي للقطاع الإداري (العاملين في الدولة) من حيث رفع سقوف التغطيات والخدمات، وشملت التعديلات أيضاً زيادة أسعار الخدمات الطبية كافةً بما يتناسب قدر الإمكان مع التضخم الحاصل، ورفع أجور مقدمي الخدمات الطبية لتقارب الواقع الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تحسين هذه الخدمات، وفي مقابل ذلك تم الإبقاء على قسط التأمين دون تحميل المؤمن عليه أيّ أعباء مالية ويعتبر القسط زهيداً مقارنة بالمنافع التي يقدمها (خاصة داخل المشفى)، فقسط التأمين بقي 70 ألف ليرة يتحمل منه الموظف 45 ألف وسطياً والباقي دعم حكومي.
متابعاً حول الإشكالية التي يقع بها المؤمن فإن مبلغ التحمل لدى معاينة الطبيب 4000 ليرة، ونسبة التحمل من الوصفات الدوائية الحادة ٣٠%، ونسبة التحمل من الوصفات الدوائية المزمنة ١٥%، ونسبة التحمل من الإجراءات الخارجية(مخبر، أشعة)٢٥%.
وهذه المعلومات تنشر من قبل الهيئة والمؤسسة العامة السورية للتأمين وشركات الإدارة بشكل مستمر، وتعمم على كافة الجهات الحكومية… ومعلنة في مقرات مزودي الخدمة الطبية كافة.
7000 ليرة
ورداً على سؤال هل يستطيع المؤمن له تغيير بطاقة التأمين الصحي لتعديل نسب التحمل الجديدة حتى لايقع في إشكالية مع الطبيب وهل هنالك تكاليف لذلك.
بين أن المؤسسة السورية للتأمين حددت سعر تغيير البطاقة بـ7000 ليرة سورية علماً أن الرقم التأميني هو الأهم من ذلك لافتاً إلى أن المؤسسة ترسل لكل الجهات التغطيات التأمينية كما تقيم شركات الإدارة وهيئة الإشراف على التأمين ندوات بهذا الخصوص، مؤكداً على تواصل المواطن مع مسؤول التأمين بالجهة التابع لها لإخباره بالتعديلات الجديدة.
فلترة الشبكة الطبية
وبالنسبة لسوء توزيع الشبكة أوضح أنه تم التوجيه بفلترة الشبكة الطبية باستمرار والتأكد من أن كافة مزودي الخدمة ملتزمون باستقبال المؤمن عليهم (حاملي بطاقة التأمين الصحي) وعدم تقاضي مبالغ إضافية عن نسبة التحمل المنصوص عليها، والغاية من «الفلترة» هو الحرص على وجود أسماء مقدمي الخدمة الطبية الفعالين والملتزمين بشروط التأمين فقط، كي لا يتعرض حامل البطاقة لأي موقف عند مراجعة أطباء ومقدمي خدمة طبية غير منتسبين أو لم يعودوا موجودين.
وبعد هذه الفلترة أصبح عدد المنتسبين للشبكة ٦٩٠٠ مزود خدمة بعدما كان 8236مزوداً، والهيئة لا تركز على العدد كهدف بحد ذاته، بقدر تحقيق الهدف من العدد وهو التوزع الجغرافي الكافي لمزودي الخدمة بمختلف الاختصاصات، والتزامهم بخدمة المؤمن له وفق شروط عقد التأمين.
إضافة لوجود لجنة لمعالجة حالات سوء الاستخدام يتم من خلالها اتخاذ الإجراءات الرادعة في حال ثبت إساءة استخدام التأمين الصحي من قبل الأطراف ذات العلاقة (مزود خدمة/طبيب، صيدلاني، مخبر، دار أشعة، مشفى،…/، المؤمن عليه، شركات إدارة نفقات التأمين الصحي).
وحول وجود أشخاص لايستخدمون بطاقات التأمين ويتم اقتطاع تأمينهم أوضح محمد: بلغ وسطي نسبة المؤمن عليهم المستفيدين من بطاقة التأمين الصحي 60% من إجمالي عدد المؤمن عليهم، وفي حال فرضنا أن الجميع سوف يستخدم كامل «رصيد» بطاقة التأمين فإنه لا حاجة لوجود التأمين.
التعويضات أكبرمن الأقساط
وبالنسبة للتوفير على شركات التأمين نوه مديرعام هيئة الإشراف على التأمين أنه على سبيل المثال لا الحصر فإن نسبة الخسارة لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين (أكبر عدد مؤمنين) في عقود التأمين الصحي للقطاع الإداري 115% نهاية عام 2022وبالتالي فإنها تسدد تعويضات أكبر من الأقساط بـ 15%، وهذا الأمر في أغلب عقود التأمين الصحي في كامل قطاع التأمين.
مشروع صك تشريعي
وحول الخطأ الطبي توجهنا بالسؤال .. إن كانت تتم تغطيته من قبل شركات التأمين؟ أوضح محمد بأنه تم إعداد مشروع صك تشريعي بالتشاور مع كافة الجهات المختصة ونأمل أن يبصر النور قريباً، إلا أن الخطأ الطبي لا ينضوي ضمن تغطيات التأمين الصحي (كتعويض عن الضرر الناتج عن الخطأ الطبي)،إنما يندرج تحت تأمين فرع آخرالمسؤولية المهنية.
ويبقى أن نقول بما أن مبدأ التأمين الصحي يقوم على مبدأ التكافل والكل معرض لمخاطر والظروف الصعبة ورغم أن المبلغ المسدد من قبل المؤمن عليه في صورة أقساط تعوضهم عن أضرارالحوادث غيرالمتوقعة رغم ذلك مازالت شركات التأمين مقصرة بتوفيرالنفقات الموافق عليها بالعقد ويجب أن يكمل القائمون عليه مهمته في التغطية الكاملة لجميع المطالبات دون استثناء.