الثورة – طرطوس – لجينة سلامة:
كم هو جميل بلدي في حناجر أطفاله.. كم هو رائع وأنامل أشباله البلسمية تعزف أغاني الإباء والكرامة والمحبة ولحن الوطنية.
كم هو جميل برقعته الجغرافية الممتدة حتى اللا حدود في قلوب ساكنيه يتنفسون هواءه بمحبة وحب ووفاء بالرغم من الحرب والضيق والوجع، فراشات وعصافير تحلّق في فضاء المسرح، تلهو وترقص، تلعب وتطير فرحاً على خشبته، تغني أناشيد الحياة وتردد الأحلام وتصيغها دروباً تسعى إليها بالأمل يدفعها الطموح إلى حيث الأماني في بلد آمن يغفو أبناؤه على السلام بعيدا عن ضجيج المدافع والخراب.
هذا الوطن الحبيب كان لوحة فسيفسائية فنية أعدّتها الفرق المشاركة في فعالية (وداعاً يا صيف) التي أقامتها وزارة الثقافة – مديرية المسارح والموسيقا على خشبة المسرح القومي في طرطوس لمدة خمسة أيام متواصلة من الخميس ٧/ ٩ إلى الإثنين ٩/١١، حيث كان يوم الاختتام مع كورال (البراعم) الذي ترك الأثر الطيب عند الحضور وقد تفاعل مع الأغاني الطربية والوطنية التي قدمت بالإضافة إلى الغناء الفردي لعدد من أعضاء الكورال وكان لكلّ تفرّده وإحساسه بالإضافة لعزف مقطوعة موسيقية نجح فيها الأعضاء (عازف ومؤدي ) بإظهار التناغم والأداء المنضبط من تدريب الفنانة لما الضايع وقيادة السيدة خلود حسن.
في يوم الأحد 10/9، كان الأطفال على موعد مع فرقة (رينبو) لمسرح الدمى والمسرح التفاعلي للمخرج طارق الحسيني ووعد الجردي .تناولت الفرقة في عملها موضوع العودة إلى المدرسة وضرورة الالتزام بالنظافة والقواعد الصحية والاهتمام بالرياضة.وكما دوما كان لفرقة (رينبو) أسلوبها الذي يميزها من جهة طرح أفكارها بطريقة سهلة تدخل إلى عالم الطفل بسلاسة وذكاء مدروس فتوصل له المعلومة بالابتسامة يتفاعل معها الطفل وتكون استجابته مباشرة لما يطرح أمامه عبر شخصيات الدمى المقربة إليه.
في يوم السبت ٩/٩: كان العرض المميز لفرقة (شهرذاد) للفنون الشعبية والمسرح الراقص تدريب أنس حرفوش بعنوان (رقصات السنابل )في إشارة إلى تمايل السنابل في الحقل التي ترمز للوفرة والخير والعطاء.
بدأ العرض بفقرات تراثية من الساحل السوري
إلى جانب رقصات تعبيرية وأجنبية وزومبا.
واستخدمت المدربة أنس حرفوش لأول مرة الشريطة إلى جانب أداء حركات جسدية متوازنه بالإضافة إلى الإضاءة بشكل متناسق والختام بفقرات شعبية متوارثة.
في يوم الجمعة 8/9 قدمت المخرجة أمل العلي مسرحية بعنوان (حكايا المهرج) شارك فيها عشرة أطفال قدموا مجموعة من الحكايا: (قصة ليلى وأرنوب المشاكس والثعلب المكار والتمساح المغرور والحمار الكسول والكلب البخيل والغوريلا) بعضها معروف لدى الأطفال مسبقاً، ولكن هذه المرة أضاءت المخرجة على جوانب معينة في المحتوى .فالذئب في قصة ليلى ليس الذكي دائما والطفلة تستحق العقاب لأنها لم تطع والدتها .وكذلك بقية القصص .فكانت معالجة المسرحية بأسلوب تربوي جديد يحاكي التطور الذي حدث في مجال التربية والعصر الذي يعيشه الطفل بطريقة كوميدية قريبة لبيئة الطفل وعقله.
ومن المهم تحريض الطفل لإعمال العقل والاستفادة بالاستنتاج مع التركيز على إظهار النقيض ليظهر الجانب الصحيح وأهميته.
وفي 7/9 كانت افتتحت فعالية( وداعاً يا صيف) بحفلة موسيقية لكورال (عمريت) الموسيقية وقدمت خلالها أغان وطنية وأخرى منوعة فيروزية، وموسيقا شارات كرتونية، بالإضافة لأغان خاصة بالفنان مهدي إبراهيم من كلماته وألحانه..
( على هامش المتابعة … )
غالبا ما يدفعني عنوان الفعالية أو البرنامج المطروح للعمل إلى الحضور قبل الموعد المحدد للعرض بقصد الاطلاع على الجو العام في محيط المسرح ولمتابعة بعض التفاصيل أتابع تفاصيل صغيرة كنت أجهل أهميتها وحاجتها وضرورتها بما يخدم العمل الفني عموما والمسرحي خصوصا. .وغالبا ما كان يتنابني مخاوف من عدم نجاح العرض و يعود هذا إلى الإمكانيات المتواضعة التي بحوزة إدارة المسرح من تجهيزات الإضاءة وغيرها و من عجز في تأمين بعض الأمور الفنية الضرورية في ظروف عمل ضيقة .لكن الذي يحدث أن العرض يلقى استحسان الجمهور ويترك صدى مؤثراّ يدفعه لمتابعة فعاليات المسرح بكافة محتواها .إن القدرة على متابعة المسير والاستمرار في الإنجاز سواء على مستوى تخطي المعوقات أو على مستوى الكلمة أيّا كانت لحناً أو غناءً او مسرحاً هي القدرة على العطاء الذي يتحول لابتسامة طفل على مسرح أو أغنية في صوت مبدع أو لحنا في دفتر موسيقا .
عندما تتابع تفاعل الأطفال مع ما يدور على خشبة المسرح تدرك حينها الحاجة لتلك القدرة على العطاء، وعلى الأخص في عصر السرعة عصر عدم التفاعل الحي مع المعلومة من قبل الطفل الذي بات آلة للتلقين وأسير شاشة الموبايل واللابتوب.