الثورة – هفاف ميهوب:
أتذكّر وأنا أرى طوفان الأقصى، لا يتوقف عن إيقادِ هدير الغضبِ لدى المُقاتل الفلسطيني، مثلما عن جعله يزداد إصراراً وسعياً، لاستردادِ حقّه وتحرير أرضه، من عدوّه المحتل الإسرائيلي.. أتذكّر وأنا أرى ذلك، كلمات الكاتب والأديب والقاص الشهيد “غسان كنفاني” في روايته “عائد الى حيفا”:
“هذا المكان الذي تسكنه هو بيتي أنا، ووجودكَ فيه مهزلةٌ مُحزنة، ستنتهي ذات يومٍ بقوّةِ السلاح”..
أتذكّر كلمات “كنفاني” هذه، لأقول قوله، وأنا أرى رجال المقاومة الفلسطينية، يتسلّحون بالإرادة والعزيمة، ويصبّون نيران غضبهم، على عدوّ أرضهم وحقّهم:
“ليست المقاومة المسلّحة قشرة، هي ثمرةٌ لزرعةٍ ضاربة جذورها عميقاً في الأرض، وإذا كان التحرير ينبعُ من فوهةِ البندقية، فإن البندقية ذاتها، تنبع من إرادة التحرير”..
إنها إرادة التحرير التي تتسلّح بها اليوم المقاومة الفلسطينية.. الإرادة التي جعلننا نتذكّر ما أوردناه، لنقول بعدها:
إن فُرض على الشعب الفلسطيني، أن يموت بشكلٍ يومي، كرمى أن يحيا بكرامةٍ، فلأنه صاحب قضيّة.. صاحبُ حقٍّ وأرضٍ وحلمٍ، توسّده منذ احتلال أرضه، وملاحقته وأسره وتعذيبه وتهجيره، وصولاً إلى يومنا هذا، حيث أوان يقظةِ هذا الحلم، وفي عيون هذا الشعب، بل وعيون فلسطينه..
نعم، لقد استيقظ الحلم، ومن أجل أن يتحقّق، ويثأر لكلّ فردٍ أو شهيدٍ فلسطيني، هشّم القبّة الحديدية، واخترق الجدران العازلة، والأسلاك الشائكة، ومتاريس جنود وحراس الاحتلال، بل وهيبة جنرالات كيانه الصهيوني..
استيقظَ الحلم، فانظر يا “كنفاني”ً كيف تخطّى كلّ المعوقات التي كانت تحوّل دون صحوه.. انظر كيف أرّق أحلام محتلٍّ، نام طويلاً طويلاً، ودون أدنى حقّ، في وطنك وأرضك وبيتك..
انظر وباركه، ورشرش عطر كلماتك على بطولته.. على كلّ شهيدٍ من شهداء فلسطين، وعلى أشجارها وبيارات برتقالها، وأطفالها وشبابها ونسائها ورجالها المناضلين..
رشرش عطر كلماتك، وأنت ترى ما يحصل اليوم ويتطلّب التذكير، بقولك ذاتَ ماضٍ، تفاقمت فيه معاناة شعبك ومعاناتك:
“كلّ قيمة كلماتي، كانت في أنها تعويضٌ صفيق وتافه لغياب السلاح.. هاهي اليوم تنحدر أمام شروق الرجال الحقيقيين، الذين يموتون كلّ يوم في سبيل شيء أحترمه..”..