الثورة :
منذ بداية العدوان الإسرائيلي الفاشي على قطاع غزة بدأت ماكينة الإعلام الغربي ضخ الأكاذيب بغية تضليل الرأي العام وحرف الحقيقة عن مسارها الطبيعي وبدأت تلك الأكاذيب تتوالى على أهم المنصات الإعلامية الغربية المنحازة إلى جهة المال الصهيوني وكان أبرز تلك الأضاليل، رواية “قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين” في المستوطنات المحيطة بغزة، والتي تبناها الرئيس الأمريكي جو بايدن، قبل أن يتراجع عنها البيت الأبيض، تحت ضغط الرأي العام والحقيقة.
الإعلام الغربي ترك جرائم الاحتلال من قتل للأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين وتدمير الأبراج والمساجد والكنائس والمنازل وراح يصور القاتل على أنه الضحية وأن الفلسطينيين هم المعتدون، لكن سرعان ما انفضحت الحكاية وبدأت تتآكل تدريجياً مع مرور الأيام.
الحرب الإعلامية لا تقل أهمية عن الحرب على الأرض ولاسيما أن هناك غشاوة غربية دائمة عن قضية فلسطين فهنا لا تنفع حقوق الإنسان ولا الديمقراطية التي يتشدقون بها، ولا أي معيار طالما الوضع يتعلق بالكيان الإسرائيلي.
لكن ثمة حقائق على الأرض لا يمكن إخفاؤها وهنا بدأت السردية الفلسطينية بالتفوق، وصار صوت المقاومة مسموعاً، ولم يعد بإمكان الكيان الفاشي وحلفائه إخفاء الحقيقة، وهذا ما دفع الاحتلال إلى عزل غزة، وقطع الاتصالات والإنترنت عنها.
وسائل إعلام من المفترض أنها عريقة، انخرطت في مسلسل الأكاذيب، وفي مقدمتها شبكة “سي إن إن” و”بي بي سي”، اللتان روَّجتا معلومات مضللة، وظهر مراسلوها وهم يسوّقون الكذب على الهواء، كما عرض الإعلام الغربي أدلة زائفة حول مسؤولية حماس عن القصف الذي طال مستشفى “المعمداني”، قبل أن يتبين لاحقاً زيف تلك المزاعم.
منح الإعلام الغربي والأمريكي تحديداً، مساحة واسعة للسردية الإسرائيلية، بل ظهر سياسيون ومنظّرون إسرائيليون وغربيون، على تلك الشاشات، وهم يصفون الفلسطينيين بأنهم أقل درجة من البشر، وتم التشكيك في حجم وأعداد الضحايا.
كل تلك المزاعم لم تصمد أمام رواية المقاومة، التي تستمد قوتها من الحقيقة وحدها، وكونها صادرة عن الضحية، فضلاً عن استفادتها من التعاطف العالمي، وتوفر وسائل إعلام غير تقليدية بديلاً لإيصال المعلومة بالصوت والصورة.
وكان لافتاً في هذه المرحلة، انخراط مشاهير عرب وأجانب في تبني رواية الشعب الفلسطيني، وانتشرت عشرات الفيديوهات، لناشطين ومشاهير غربيين تحدثوا عن جرائم “إسرائيل”، وأبدوا تعاطفهم مع سكان غزة، وهو أمر لم يكن مألوفاً قبل عصر التواصل الاجتماعي.
هذا التفوق الذي حققته السردية الفلسطينية خلال الأيام الماضية، أثار انزعاج “إسرائيل”، ليخرج زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، محذراً من أن التغطية الإعلامية الموضوعية تضر “إسرائيل”.
ولا بد من الإشارة في هذا الإطار إلى أن “الجريمة الإسرائيلية كان لها دور، في تغيير نمط التناول الإعلامي، فالعديد من الساسة الغربيين بدؤوا يطلقون تصريحات مختلفة، ويقولون: إنه يجب على “إسرائيل” أن تراعي قواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وما حديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي أشار إلى أن ما حدث في ال7 من تشرين الأول لم يأتِ من فراغ، وإنما حصيلة معاناة منذ عقود.
إضافة إلى ذلك يأتي دور وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام غير التقليدية”، لأن الوسائل التقليدية الغربية، مثل “سي إن إن”، و “بي بي سي”، وكبريات الصحف، لوحظ انحيازها بشكل شبه كامل إلى السردية الإسرائيلية.
كذب الرواية الإسرائيلية كان له دور أيضاً في انكسارها أمام السردية الفلسطينية المُحقة، حيث أدى الكذب المبالغ فيه إلى نتائج عكسية، وانكشفت كذبة ذبح المقاومين الفلسطينيين لأطفال إسرائيليين أو يهود رضع”، كما جاء في الرواية الإسرائيلية المفبركة التي أوقعت هذا الإعلام في مقتل.
ولفت إلى أن “نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيين والناشطين والعاملين في الحقل الإنساني والصحي والإغاثي، كان لهم دور كبير في تعرية الرواية الإسرائيلية، أولئك الذين ينقلون أولاً بأول ما يجري في غزة بالصوت والصورة، فالصورة أكثر إيصالاً ودلالة من الكلمات”.
جمال ظريفة