الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
تقول الناقدة الدكتورة( ربيعة برباق..)أستاذ اللسانيات في جامعة تيبسة.. بالجزائر. :
الأستاذ خالد عارف حاج عثمان لكم مني ولكل طاقم جريدة الثورة وملفها الثقافي والمشرف عليه أجمل تحية. ..
أماعن سؤالكم ما الإبداع. أقول:
الإبداع في مفهومي هو إعادة صياغة العوالم الجزئية وفق تصورات خاصة وبشكل جديد ومدهش، باستخدام وسائل مختلفة: لغوية، أفكار، أصوات، إيقاعات، مواد، ألوان، حركات… وغيرها.
فالإبداع عندي خلق فني يثير في نفس المتلقي اعترافاً بالإعجاب، وفي ذوقه شعورًا بالجمال. وأعلى درجاته إحداث الدهشة الممتعة المقبولة بكسر أفق التوقع في مفاصل الإبداع وصدمة النهايات.
أما عن سؤالك الثاني فأقول:
أرى أن أشكال الفنون في تفرع وتنوع مستمر، تماشيًا مع الأدوات والوسائل المتاحة، وكل ما يتحكم في توجيه أذواق الناس واهتماماتهم، فإن كان الشعر قديمًا أكثر الأنواع انتشارًا في المجتمعات العربية وكان المسرح أكثر انتشارًا في ذات الوقت عند الأمم الغربية.. تغير الأمر قليلًا بعد ظهور وسائل التواصل الحديثة السمعية البصرية، وظهور السنيما كفن سابع، فصارت الرواية مصدرها الأساس ومادة الأفلام والمسلسلات وغيرها، وأقبل عليها الأدباء بشكل كبير سعيًا وراء الشهرة والربح المادي الذي قد لا يحققه الأديب بالشعر.
ولا أقول تراجعت شعبية الشعر بين محبيه لأنه مازال يحظى بفئة كبيرة من متذوقيه ومحبيه كونه مصدراً للمتعة الأدبية والفنية من جهة، ومادة لفن الطرب والغناء بكل أنواعه الفصيح والشعبي والملحون من جهة ثانية.. ولا ننكر كذلك أثر القنوات التلفزيونية والإلكترونية في إيصال صوت الشعراء إلى محبيهم.
فالشعر والرواية أكثر انتشاراً واقبالاً نسبياً من طرف المبدع والمتلقي في آن واحد مقارنة مع الفنون الأدبية الأخرى كالقصة القصيرة والمسرح.
أما الفنون التشكيلية فلها هي الأخرى فئة كبيرة من المبدعين في مجالها لكن الإعلام لم يعطها قدراً كافياً من الإعلام والإشهار. ورغم ذلك هي متواجدة في مختلف ميادين الحياة بشكل مكثف في التحف واللوحات والتصميمات، مما نقتنيه من أدوات وما نرتديه من ملابس وما نشاهده من بنايات ومجسمات.
كلها نتاج فنانين تشكيليين ومعماريين ومصممين ورسامين وغيرهم.
لذلك في رأيي يصعب جداً في الحياة المعاصرة وما تتميز به من تنوع وتعقيد أن نقول إن فنًا معيناً قد استأثر بالمتلقي أو تغلب على الآخر أهمية وإقبالاً.
*- الرواية هي اللافتة للانتباه والاهتمام..وبالتالي الجنس الأدبي الرائج…
الروائية الجزائرية( عائشة بن نور)…
ذكرت في معرض حديثها للملف قائلة:
الكل….يعني الأجناس الأدبية- يصب في رافد واحد وهو الحضارة الإنسانية ومخزون تتكئ عليه الأجيال فما أجمل أن يبدع الإنسان في شتى مناحي الحياة و أن يتناول التجارب والمواقف الإنسانية واللإ انسانية وأن يستلهم منها الجمال والمتعة وأرى أن المبدع في كافة هذه الفنون الإبداعية قد أبدع في ذلك، لكن الرواية و بشكل لافت للانتباه ساهمت في إثارة القارئ وإشباع فضوله لأنها تطرقت إلى متطلبات الإنسان وحاجياته وهمومه و رغباته ومكنوناته وعرّت الواقع وتحدثت عن المشكلات والقضايا المسكوت عنها في حين تراجع الشعر عن قضايا أمته وأوجاعها التي كان يصدح بها ولم يعد الشاعر يمتلك العالم بقدر ما أصبح شاعر عواطفه، بالإضافة إلى أن جل الشعراء مالوا إلى كتابة قصيدة النثر وإلى كتابة الرواية عكس القصة التي مازالت تحافظ على مكانتها نوعاً ما…
انتشار الرواية على حساب الفنون الإبداعية الأخرى سواء على مستوى الكُتاب أو الإنتاج نظراً للدعم المؤسساتي الذي حظيت به على المستوى العربي أو العالمي مثل جائزة كتارا والبوكر وغيرها، كذلك الدعم الإعلامي والترويج لها عبر الوسائط التكنولوجية الحديثة وإلى رصد الجوائز لها، وحتى دور النشر ساهمت هي الأخرى في ذلك وعلى حساب الذائقة الفنية وغلب الكم على جودة العمل لاستسهال عملية الربح من وراء ذلك مما أدى إلى صعوبة مواكبة النقد لهذا الكم الهائل من الإنتاج الروائي…
**- آخر المطاف..
وهكذا أبحرنا في خضم سؤالنا الكبير(ما الإبداع الرائج……)؟
عدنا إلى الشاطى حاملين معنا سلالنا الممتلئة جواهر الكلم..وأصداف الرؤى والآراء ووجهات النظر…عن الإبداع المشهور والرائج في الألفية الثالثة هذه..أكان ذلك من خلال المبدع المنتج للنص أو الفن..أو الجنس الإبداعي..أو الناقد..أو الإعلامي أو الجمهور المتلقي المتابع….
هل يبقى الشعر في المقدمة كما كان..هل الفنون التشكيلية هي المنظورة..السر بأنواعه..المسرح والدراما…
الموسيقا والغناء…الرقص والفنون الشعبية…
كل ذلك مفتوح على الجماهير المتابعة….
العدد 1166 – 7-11-2023