بات من الطبيعي أن تتناقل وسائل الإعلام المحلية على اختلاف أنواعها تصريحات لعدد من المسؤولين قولهم إن مواسم زراعية استراتيجية كالقمح والقطن مخيبة للآمال هذا العام (طبعاً كما سنوات سابقة) وفي تراجع سواء لجهة المساحة المزروعة أو النوعية وتمرّ تلك الأخبار مرور الكرام على أصحاب القرار وكأن الأمر عادي، لما لا فمبررات الظروف والوضع العام حاضرة ليمضي موسم أخر عنوانه فشل الخطة الزراعية.
والأخطر مما تقدم أن تعتاد يد صاحب القرار على تسطير كتب السماح بالاستيراد لقائمة باتت تطول ليس فقط لمواد عادية وإنما لمنتجات استراتيجية مثل القمح والقطن كانت قوة الاقتصاد وضمان أمنه الغذائي لسنوات طويلة سابقة لا بل وتصدر للعديد من الأسواق الخارجية ولها مكانة متقدمة وتحظى بقبول المستهلكين فيها في وقت كان الأولى والأهم معالجة أسباب الفشل في تنفيذ الخطط الزراعية والعمل قدر المستطاع على معالجتها لأنها كما هو معلوم تعد منتجاتها أساس الصناعة وبسببها تواجه العديد من معامل ومنشآت القطاع العام الصناعي خطر التوقف عن العمل نهائياً لعدم وجود أو قلة المواد الأولية بعد أن واجهت سنوات من الخسائر والصعوبات.
نعم توجد معيقات وأسباب موضوعية تفرض نفسها هنا حالت دون زراعة مساحات إضافية كونها تحت سيطرة الارهابيين وفوتت على الدولة كميات كبيرة من إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية وحتى النفطية ولكن لا يمكن أبداً إغفال منعكسات قرارات مجحفة وغير مدروسة لا يحلو للبعض تصديرها إلا قبل بدء الزراعة كزيادة أسعار الأسمدة مؤخراً لمستويات كبيرة تجعل المزارع عاجزاً عن شرائها ما يؤدي بالنتيجة لحصد نوعيات متدنية لمحاصيل عديدة وقبل ذلك سياسات زراعية وصناعية ضعيفة ولا تأخذ بالاعتبار التحديات والظروف الراهنة لذلك يكون صدى عبارات الدعم للقطاع الزراعي والصناعي صوتاً أكثر منه فعلاً وتطوراً وإنتاجاً على الأرض.
وكمثال بسيط ربما يساق على العديد من القرى والمناطق على امتداد الجغرافيا السورية تسببت العديد من القرارات المرتبطة بالعملية الزراعية في تراجع الزراعة في قريتي حتى على مستوى المساحات المتاحة أمام المنازل بعد أن كان سكانها يزرعون القمح والشعير ومختلف أصناف الخضار وغيرها لارتفاع تكاليف الإنتاج ولقلة المياه التي تضخ كل 40 يوماً على الرغم أنها تعوم على المياه بحجة غياب الكهرباء وعجز المسؤولين عن إيجاد حل مع أنه متاح وبسيط التنسيق بين جهتين: الكهرباء والمياه لحل مشكلة صغيرة وهذا الوضع يعكس الحال العام في تعامل المعنيين مع صعوبات ومشاكل وأزمات عديدة مستمرة وتتفاقم كوارثها على الاقتصاد والمواطن دون إيجاد مخارج أو حلول لها أقله على صعيد التنسيق والتكامل بين الجهات المختصة.