يتزامن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية هذا العام مع الذكرى الخمسين لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة، نظراً لدورها الحضاري ومساهمتها في تشكيل العلوم والمعارف ونقلها للثقافات عبر نشاطها الثقافي على طريق الحرير، وترجمتها للعديد من نتاج الثقافات الأخرى لتكون الوسيط الأول في نقل الثقافة إلى الشعوب.
وعندما نحتفي بهذا اليوم، بالطبع هذا لا يعني أننا فقط نقيم الاحتفالات في هذا اليوم، بل هي لغتنا وأهم عوامل توحدنا مع أبناء جلدتنا، ومنبرنا الثابت، لذا يترتب علينا أن نعمل من أجل الحفاظ على قوتها وانتشارها وخصوصاً لدى الأجيال على اختلاف مراحلهم العمرية، والتشجيع على تداولها في جلساتهم الفكرية وإبداعاتهم الثقافية، لتكون القاسم المشترك الذي يجمع هذه الآداب والفنون.
لا شك في أن اللغة العربية تتعرض للكثير من التحديات في ظل انتشار العولمة، وثمة محاولات كثيرة تعمل من أجل طمس هذه اللغة وتشويه مضمونها، ونشر اللغات الأخرى في محاولات عبثية لطمس معالم هويتنا، والتي تعد اللغة العربية أحد أركانها، ونأسف أننا نساهم بشكل أو بآخر وربما من دون دراية منا في هذا التشويه عبر إهمالنا للغتنا وعدم التمسك بها، بل نتباهى في جلساتنا بتداول اللغات الأجنبية الأخرى تقليداً للتحضر المزيف.
ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن مؤسساتنا الثقافية تعمل جاهدة للانتصار للغة العربية وتمكينها في المناهج الدراسية والأنشطة الثقافية، والإبداعات الفكرية، ولكن ما زلنا نحتاج الكثير، وخصوصاً في المراحل الدراسية الأولى، فعندما ينشأ الطفل على لغة الضاد ويتقن تداولها، فنحن إذاً نسير على الطريق الصحيح.
وهذا بالطبع مسؤولية المجتمع بأكمله؛ ابتداء من المنزل والمدرسة وليس انتهاء بالمنابر الثقافية والإعلامية لترسيخ لغتنا، لغة الحضارة والثقافة الإنسانية، لغة الشعر والفنون.
وليكن احتفالنا هذا العام بلغتنا، بداية جديدة وعهداً جديداً للمحافظة على لغتنا العربية، وكنزنا الثمين من الضياع والتشويه وعبث الحاقدين.