المعاناة النفسية والمادية التي يعيشها المصابون بأمراض مزمنة، ومن الذين يحتاجون لعمليات جراحية مختلفة باتت كبيرة جداً لأسباب عديدة، أبرزها ارتفاع أسعار الأدوية بشكل فاق الدخل بعدة أضعاف، وعدم توافر معظم الأدوية في المراكز الصحية والمشافي، وتكاليف العمليات الجراحية الباهظة، وتحميل المرضى الذين يلجؤون للمشافي العامة معظم هذه التكاليف.
لكن بسبب الحرب وتراجع إمكانات الدولة لايتم التقيد بالقوانين في معظم الحالات وكلياً في بعض الحالات بدليل أن ما يحتاجه المريض من عمليات جراحية ومستهلكات وأدوات طبية في مشافي القطاع العام بات على حسابه خاصة العمليات القلبية والعظمية والعصبية التي تصل تكاليف كل منها للملايين وبعضها لعشرات الملايين، ومن ثم فإن المواطن الفقير وذوي الدخل المحدود يموت من دون أن يستطيع دفعها على الإطلاق، وهذا ما يواجهه الكثيرون كل يوم، ما يدفع بهم وبذويهم لمناشدة المعارف وأهل الخير بشكل مباشر أو عبر صفحات التواصل، للتبرع لهم قبل فوات الأوان ومن دون جدوى في أحيان كثيرة..!
ويكاد لا يمرّ يوم من الأيام إلا ونتلقى فيه شكاوى من مواطنين بهذا الخصوص، وأيضاً من عاملين في مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات الصحية بسبب عجزهم عن دفع تكاليف علاجهم، وبسبب عدم تغطية إلا نسبة بسيطة من هذه التكاليف من قبل شركات التأمين الصحي إذا كانوا مؤمّنين، ولا داعي لذكر الأسماء مع أن لدينا العديد منها وآخرها مريض “والد شهيد” في مشفى المجتهد بدمشق داخل العناية المركزة ويحتاج لمواد من خارج المشفى لإجراء عملية جراحية عاجلة له لإنقاذ حياته(تصميم أم دم دماغية)ثمنها ثمانون مليون ليرة.
إن هذا الواقع المؤلم يتطلب تعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي وزيادة مساهمة الأغنياء لصالح المحتاجين في مثل هذه الحالات عبر صيغ أكثر تنظيماً، كما يتطلب من الحكومة العمل بكل الإمكانات المتاحة لتنفيذ ما ينصّ عليه الدستور في هذا المجال. فصحة المواطن يجب أن تبقى كما كانت خطاً أحمر لايجوز الاستهتار بها وإخضاعها للابتزاز والعرض والطلب، ولا يجوز لمن تتعرض صحته للمرض سواء أكان مرضاً طارئاً أم مزمناً أن يشعر بالخوف والرعب جراء سوء وضعه المادي وعدم قدرته على تغطية تكاليف علاجه.. وأيضاً لايجوز أن يبقى التأمين الصحي في جهاتنا العامة بهذا السوء ..الخ