ونحن على مشارف انتهاء عام واستقبال عام جديد نمني النفس كما كل عام أن يحمل الخير والصحة والبحبوحة لنا ولأحبائنا وقبل كل ذلك لبلدنا المتعب لأن تجاوز معاناته يعني راحة واستقراراً وأماناً للجميع.
وعادة ما تترافق مرحلة الأمنيات تلك مع تصاعد توقعات المنجمين التي تتناقلها مختلف وسائل الإعلام حول الأبراج الأكثر حظاً وسعادة ومالاً وراحة في العام القادم من دون أن يظهر بعد المنجمون “التقال” كما يقال للحديث عن توقعاتهم لبلدان عديدة على الأصعدة كافة.
نعم من الجميل والمريح ولو مؤقتاً أن يسمع المرء أن برجه ضمن لائحة الأبراج التي ستشهد تحولاً كبير بمسار حياته بعد معاناة واجهته لسنوات، ولكن بالنسبة للمواطن السوري فإن لحظات أو حالة التفاؤل تحمل معها الكثير من المخاوف والترقب الحذر من أن يكون العام الجديد أكثر ضغطاً وصعوبة ومعاناة، فقد سبق ومنّى النفس أن يكون العام الحالي كما غيره قبل سنوات بداية نهاية لقائمة طويلة من الأزمات الحياتية والمعيشية والاقتصادية لتثبت تالي الأيام استمراها لا بل وتعمقها وكأن لا حل أو أفق لمعالجتها، يعزز كل ذلك بمؤشرات ومعطيات وأرقام في أغلب القطاعات خاصة الخدمية منها والتي لا تبشر بالخير.
ولو سألنا أي مواطن عن أمنياته لقادم الأيام لظهرت على تعابير وجه ابتسامة تفرضها طبيعة البشر بقدوم عام جديد ما تلبث أن يعقبها صفنة وهزّ للرأس وكأن لسان حاله يقول: “ماني متأمل خير” والواقع الذي يعيشه كما غالبية المواطنين في مختلف المحافظات يفيد من دون عناء عن ضيق حال وتدني قدرته وإمكاناته على مواجهة المزيد من الضغوط والأزمات وحالة أقل ما توصف بالعجز من قبل أصحاب القرار عن إيجاد مخارج أو حلول لأبسط المشاكل فما بالك بالقضايا والملفات الاستراتيجية والكبيرة.
ولعل الكلمة الأكثر تعبيراً عن حال غالبية المواطنين ويرددونها دائماً هي “تعبنا” نعم عندما يعجز المرء عن تحقيق أبسط أمنياته وأقلها هنا على سبيل المثال لا الحصر أن يصل لمدرسته أو جامعته أوعمله مرتاحاً بوسيلة نقل تحفظ كرامته، تتحول الأمنيات والأحلام لمعجزات من الصعب تحقيقها في ظلّ تحديات وصعوبات وعراقيل تزداد عاماً بعد أخر.
وعلى الرغم من كل ما تقدم يثبت الشعب السوري أنه شعب حي وجبار شعاره العمل والإنجاز وساحات وميادين العمل في مجالات مختلفة شاهدة على إبداعه وتميزه، ويأمل فعلاً أن يحمل العام القادم انفراجاً لكل همومه ومعاناته وأن تترجم تصريحات ووعود أصحاب القرار أفعالاً على الأرض.