ربما كانت مبررات تكليف معتمدين للخبز في القرى والمناطق منطقية في مرحلة زمنية معينة، وتجربة تركت آثاراً إيجابية وسلبية في آن معاً.
المواطن اليوم غير راض على أداء هذه التجربة وخاصة من جهة نوعية الخبز التي تصله، بسبب إهمال المعتمدين، ووضع الخبز بطريقة تقلل من جودته، فالنقل غير مدروس، ويوضع الخبز وهو ساخن فوق بعضه، الأمر الذي يعيده إلى عجين.
المهم، نحن مع أي إجراء يؤدي إلى الارتقاء بخدمة المواطن، بالمقابل نحن ندعو إلى تقويم التجربة ودراسة إيجابياتها وسلبياتها، فمعتمد الخبز يأخذ أرباحاً قد تصل إلى مقدار ثمن ربطة الخبز، والكل يدرك مدى صعوبة العمل بالأفران والجهد الكبير الذي يقوم به العاملون.
إذاً ما المانع من تحويل مؤسسة الأفران إلى “تاجر”- بمعنى منح الصلاحية لها لبيع وتسويق إنتاجها بمرونة بما يحقق لها عائداً مادياً محترماً يدعم خزينة الدولة، وتمنح حوافز تشجيعية لعمالها.
السبيل لذلك يكون عبر إلغاء المعتمدين وجعل الأفران تاجراً يقوم ببيع الخبز عبر كوات في المناطق والقرى ومنافذ الأفران.
تجربة الشركات الوسيطة يجب أن تلغى، ليس على مستوى الأفران، بل على جميع المستويات.. شركة تعبئة المياه مثلاً تقوم شركات أو مؤسسات وسيطة بتوزيع إنتاجها، وهي الأخرى والمحقة بتوزيع إنتاجها.
تماماً كما كانت مؤسسة التوزيع تقوم بتوزيع الصحف، وحرمان الصحيفة الأم من هذا الحق، “طبعاً نتكلم هنا قبل إلغاء الصحف الورقية”، ومن ثم إلغاء هذه مؤسسة توزيع المطبوعات لانتهاء دورها بعد توقيف الصحف الورقية.
هناك حالات كثيرة مشابهة في مؤسساتنا، والتي يجب على الحكومة إيجاد حلول منطقية لها والسماح للشركة المنتجة- أي شركة- بتوزيع إنتاجها بالطريقة التي تراها مناسبة، وبالتالي هنا يتم حصر المسؤولية واتباع أسلوب الثواب والعقاب.
السورية للتجارة عندما تم إحداثها قبل عدة سنوات سمح لها القانون بممارسة دور التاجر وتم منحها المرونة الكافية لذلك.. الوضع لم يسر بالطريقة المخطط لها، بل بقيت متقوقعة ولم تستطع ممارسة الدور الممنوح لها، إما عبر ضغوطات مشبوهة أو عبر ضعف الإدارات.
طالبنا مرات عديدة أن تمارس السورية للتجارة دورها كتاجر منافس، ولكن كيف لها أن تمارس هذا الدور وهي التي تغلق أبوابها مع نهاية الدوام الرسمي…؟ فالمواطن الذي يقصد السورية للتجارة ويجدها مغلقة مرات عديدة سيلجأ إلى القطاع الخاص لتأمين متطلباته.
هي حالة تحتاج إلى قليل من التفكير، وجدية في التخطيط، وقدرة على اتخاذ القرار.. يبدو أن كل هؤلاء غير موجودين في قواميس معظم مؤسساتنا العامة.

السابق