“قد يغادر 50 بالمئة من الفلاحين العمل الزراعي- إن لم يتم إيجاد حلول” والكلام لمسؤول في اتحاد الفلاحين يدق ناقوس الخطر لمستقبل الزراعة بعد الارتفاعات الكبيرة والمتكررة لمستلزمات الإنتاج الزراعي، ومنها الأسمدة التي ارتفعت أسعارها خلال فترة قصيرة مرتين.
الجميع يقف عند المشكلة، ولا يجهد نفسه في إيجاد حلول لمشكلات الزراعة التي تسببت في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وعدم استطاعة الكثير من الفلاحين على مجاراة هذه التكاليف، والعجز عن تأمينها، ويبدو هذا ما قصده المسؤول بمغادرة أكثر من نصف الفلاحين لأراضيهم والتحول نحو مهن وأعمال أخرى.
الحديث عن تعزيز ودعم القطاع الزراعي يجب أن يكون بشكل عملي وعلى الأرض، وليس نظرياً، من خلال ورشات العمل والمؤتمرات، وخاصة لمحصول استراتيجي كالقمح، في ظل تحذيرات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” من ارتفاعات كبيرة بأسعار الغذاء.
لن نضيف شيئاً إذا ما قلنا إن أكثر من ٣٠% من السكان في سورية يعتمدون على الزراعة كمصدر عيش، ناهيك عن أن القطاع الزراعي يشكل ٤٠% من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الرغم من كل ذلك مازلنا لا ندعم هذا القطاع الذي يعتبر رافعة الاقتصاد الحقيقي والهوية الاقتصادية السورية كما يجب.
في البيانات الرسمية لوزارة الزراعة حول فاتورة الدعم الزراعي تقول “إن الدعم الحكومي سنوياً للقطاع الزراعي وصل إلى ١٣٣٤ مليار ليرة، الأمر الذي يجب أن يُحدث تحولات مهمة لهذا القطاع، إذا ما تم بالفعل ولاسيما لمسألة دعم مادة المازوت وشراء محصول القمح.
دعونا نبتعد عن ارتجال السياسات الزراعية، لأن ذلك سيوذي الزراعة أكثر مما يفيدها، وأن نبحث عن استراتيجية تُحصن الإنتاج الزراعي للمستقبل حتى نوقف الانحسار المستمر في الأراضي الصالحة للزراعة، وعزوف الفلاح عن زراعة أرضه.
كل ما نحتاجه أن يكون لدينا خطة زراعية وطنية، تقوم على برامج تنفيذية حقيقية بمدد زمنية محددة، لكنها قابلة للتعديل عند أي طارئ، لحماية مستقبل الزراعة في سورية، التي كانت ولا تزال قاطرة النمو لجميع القطاعات الأخرى.

السابق
التالي