الثورة – أيمن الحرفي:
تبدأ التربية من الأسرة لأنها الوحدة الأساسية والأولى في المجتمع، ولنجاح الأسرة في تحقيق أهدافها لابد من بناء جسور التواصل والتفاهم عبر الحوار البناء بين أفراد الأسرة من خلال ثقافة الحوار المفتوح لبناء أسرة متكاملة وقوية ومترابطة عبر تنمية المشاعر الإيجابية والمحبة، كي تتعزز الثقة بين أفراد الأسرة وتصل إلى التفكير المنظم السليم.
ولا يخفى علينا أن الحوار هو مفتاح العلاقات الطيبة والجيدة ما يخفف من آثار النزاعات ويقرب وجهات النظر.. كما أن الحوار الهادئ يؤدي بالأطفال إلى احترام آراء الكبار وتنفيذ القرارات الصادرة عن الأب والأم مع قناعة واعتراف بخبرة الأهل وصوابية قراراتهم.
الإصغاء:
من أهم مبادئ الحوار هو الإصغاء إلى آراء كل فرد من أفراد الأسرة، كبيراً كان أم صغيراً، من دون مقاطعته أو التململ من حديثه، لكن الذي يحصل هو فقدان بوصلة الحوار بوجود التعنت والتشبث بالرأي من دون سماع الطرف الآخر، والتناقض الذي يفتقد التفاهم والانسجام.
وفي الأسرة متى وجد التفاهم والانسجام توصلنا إلى عملية خلق وإبداع نتيجته الوفاق والتفاهم بين الشريكين أو بين الأب والأم، فالحب يتطلب التضحية والتفاهم والانفتاح بين الآخرين وعلى الشريك بشكل خاص.
ولنجاح الحوار في الأسرة لابد أن يدرك كل من الزوج والزوجة حقيقة شعوره ويعبر عنه من دون لوم أو تجريح، والإصغاء الجيد بالسماع والفهم والتعاطف، وهي مهارات يجب أن يتمتع بها الطرفان لبلوغ الهدف المنشود.
ويمكن تحقيق ذلك ببعض الخطوات البسيطة مثل القناعة الشخصية لكل طرف، فالهدف من النقاش ليس الانتصار على الآخر ولا يعني الهجوم بل الهدوء واختيار الكلمات والمفردات التي تجمع ولا تفرق، ولا يمكن الوصول لحوار ناجح من دون الإصغاء للطرف الآخر، ما المانع أن نشجع الطرف الآخر على البوح بما يشعر به والتعرف على ما يقلقه ويؤرقه، وهي مهارة معينة تسمى فن الاستماع، وهذا ما يؤكده الشاعر (إن بعض القول فن فاجعل الإصغاء فناً).
وأخيراً يمكن القول: إن المرونة وتقبل الآخر والتنازل بعض الشيء، والحلم والروية، والحكمة ومعالجة الأمور وعدم التصعيد، واختيار الكلمات الرقيقة، وإثارة المشاعر الأسرية كفيل بنجاح أي حوار فهو استجابة لنداء العقل، واستجابة للمسؤوليات التربوية والأسرية والحياتية لينشأ جيل متحرر من شوائب الماضي، ومن آفات العصر، مستقلاً في شخصيته، سعيداً في أسرته واعياً ومتفهماً لواجباته، متمتعاً بحقوقه، فيدخل المستقبل بروح الواثق من نفسه المتمكن من أدواته، قادراً على مواجهة الحياة بمتطلباتها وتحدياتها، هذا الجيل الذي قال عنه أحمد شوقي:
وكن في الطريق عفيف الخطأ شريف السماع كريم النظر وكن رجلاً إذا أتوا بعده يقولون: مر وهذا الأثر.